والحسن تقدمًا في الزوائد أيضًا. ومن ذلك يعلم أن الذرة مما وجبت فيها الزكاة، وإلى ذلك ذهبت الأئمة الأربعة، وقال الرافعى قد ثبت أخذ الصدقة من الذرة بأمر النبى صلى الله عليه وسلم اهـ فأحاديث الذرة وإن كان في بعضها مقال لكن يقوّى بعضها بعضًا، وأيضًا فالاحتياط لجانب الفقراء وجوب الزكاة فيها (ويستفاد) من حديث جابر وعلىّ رضى الله عنهما وهما الأول والثانى من أحاديث الباب؛ ومن حديث ابن عمر المذكور في الزوائد أنه يجب العشر في الزرع إذا سقى بغير آلة ونصف العشر إذا سقى بالنواضح ونحوها مما فيه مشقة، وحكى النووي الاتفاق على ذلك، وإن وجد مما يسقى بالنضج تارة وبالمطر أخرى، فان كان ذلك على جهة الاستواء وجب ثلاثة أرباع العشر وهو قول أهل العلم (قال ابن قدامة) لا نعلم فيه خلافًا، وإن كان أحدهما أكثر كان حكم الأقل تبعًا للأكثر عند أحمد والثورى وأبى حنيفة وأحد قولى الشافعى، وقيل يؤخذ بالتقسيط، قال الحافظ ويحتمل أن يقال إن أمكن فصل كل واحد منهما أخذ بحسابه، وعن ابن القاسم صاحب مالك العبرة بما تم به الزرع لول كان أقل (وفى أحاديث الباب أيضًا) ما يدل على أن الوسق ستون صاعًا وهو حديث أبى سعيد وإن كان منقطعًا، فان ابن المنذر نقل الاجماع على ذلك (قال النووي) رحمه الله والمعتمد في تقدير الأوسق بهذا الأجماع. وإلا فالحديث ضعيف اهـ (قلت) ولختلفوا في هذا التقدير هل هو تحديد أو تقريب، وبالأول جزم الأمام أحمد، وهو أصح الوجهين للشافعية إلا ان كان نقصًا يسيرًا جدًا مما لا ينضبط فلا يضر، قاله ابن دقيق العيد، وصحح النووى في شرح مسلم أنه تقريب، وقال فى المجموع الأصح أن هذا التقدير تحديد صححه أصحابنا اهـ (وفيها أيضًا) ما يدل على استحباب أخذ قنو من كل جاد عشرة أوسق من التمر يعلق فى المسجد للمساكين، والقنو الغصن، بما عليه من الرطب أو البسر (قال الخطابى) وهذا من صدقة التطوع وليس بواجب (قلت) وإلى ذلك ذهب الجمهور، وذهب بعض الظاهرية إلى وجوبه أخذًا بظاهر الأمر، وردّ بأنه لو كان واجبً لبينة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى كتب الزكاة التى كتبوها للعمال، وقد ثبت أنه ليس فيها شئ من ذلك (وحديث موسى بن طلحة) يدل على وجوب الزكاة فى الحنطة والشعير والتمر والزبيب وحصرها فى هذه الأصناف، أما وجوب الزكاة فيها فباتفاق العلماء؛ وقد حكى ابن المنذر وابن عبد البر الاجماع على ذلك، وأما حصرها فى هذه الأصناف فقد ذهب اليه الحسن البصرى والحسن بن صالح والثورى والشعبى والصادق والباقر مستدلين بحديث الباب وحديث أبى موسى ومعاذ المذكور فى الزوائد، وهو قصر للعام على بعض ما يتناوله بلا دليل وخالفهم الجمهور (وذهب أبو حنيفة) وزفر والقاسم والهادى إلى الأخذ بعموم حديث جابر وابن عمر وعلى رضى الله عنهم من وجوب العشر فيما سقت السماء والعيون ونصف العشر فيما سقى بالآلة سواء أكان كثيرًا