للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[تسابق أبي بكر وعمر رضى الله عنهما فى الصدقة - وكلام العلماء فى فضل صدقة السر]-

.....


صلى الله عليه وسلم يقول صدقة السر تطفئ غضب الرب، اورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط وفيه أصرم بن حوشب وهو ضعيف (قلت) يقويه حديث ابى امامة المتقدم (الأحكام) احاديث الباب مع الزوائد تدل على ان صدقة السر افضل من صدقة الجهر. وفى التنزيل {ان تبدوا الصدقات فنعمَّا هى، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير} وحكى الحافظ ابن كثير فى تفسيره عن ابن أبى حاتم أنه قال أنزلت فى أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر؟ قال خلفت لهم نصف مالى (وأما أبو بكر) فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه حتى دفعه الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر؟ فقال عدة الله وعدة رسوله "يعنى ما وعد الله ورسوله المتصدقين من الخلف والبركة والثواب الجزيل" فبكى عمر رضى الله عنه وقال بأبى أنت وأمى يا أبا بكر والله ما استبقنا الى باب خير قط إلا كنت سابقا (قال الحافظ ابن كثير) رحمه الله وهذا الحديث روى من وجه آخر عن عمر رضى الله عنه، وإنما أوردناه ها هنا لقول الشعبى إن الآية نزلت فى ذلك، ثم إن الآية عامة فى أن اخفاء الصدقة أفضل سواء كانت مفروضة أو مندوبة، لكن روى ابن جريج من طريق على ابن أبى طلحة عن ابن عباس فى تفسير هذه الآية قال جعل الله صدقة السر فى التطوع تفضل علانيتها يقال بسبعين ضعفا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها يقال بخمسة وعشرين ضعفًا "وقوله ويكفر عنكم من سيئاتكم" أى بدل الصدقات ولا سيما إذا كانت سرًا يحصل لكم الخير فى رفع الدرجات ويكفر عنكم السيئات، وقد قرئ ويكفر بالجزم عطفا على محل جواب الشرط وهى قوله فنعما هى كقوله {فأصّدق وأكون وأكن} وقوله {والله بما تعملون خبير} أى لا يخفى عليه من ذلك شئ وسيجزيكم عليه اهـ (وقال جمهور العلماء) صدقة السر أفضل فى التطوع لأنه أقرب الى الأخلاص وأبعد من الرياء، وأما الزكاة الواجبة فأعلانها أفضل، وهكذا حكم الصلاة فأعلان فرائضها أفضل واسرار نوافلها أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم "أفضل الصلاة صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة" (وقال الترمذى) عقب إيراد حديث عقبة بن عامر المذكور آخر احاديث الباب، ومعنى هذا الحديث أن الذى يسر بقراءة القرآن افضل من الذي يجهر بقراءة القرآن، لأن صدقة السر افضل عند اهل العلم من صدقة العلانية، وإنما معنى هذا عند اهل العلم لكى يأمن الرجل يعنى من العجب، لان الذى يسر العمل لا يخاف عليه العجب ما يخاف عليه من علانيته اهـ. وقال الأمام ابو بكر بن العربى لا شك فى أن العلانية افضل إلا انها اخطر لما يدخلها من العجب والرياء وتخليصها يصعب

<<  <  ج: ص:  >  >>