للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[ما يقول الصائم لمن سابَّه أو شاتمه]-

كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث (١) يومئذٍ ولا يصخب (وفى روايةٍ ولا يجهل بدل ولا بصخب) فإن شاتمه أحدٌ (٢) أو قاتله فليقل إنِّى امرؤٌ صائمٌ مرَّتين (٣) والَّذى


من النار ومنه المجنّ وهو الترس، ومنه الجن لاستتارهم عن العيون، والجنان لاستتارها بورق الأشجار، وإنما كان الصوم جنة من النار لأنه امساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات كما فى الحديث الصحيح "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات" (وقال ابن الأثير) معنى كونه جنة أى يقى صاحبه ما يؤذيه من الشهوات (وقال القاضى عياض) معناه يستر من الآثام أو من النار أو بجميع ذلك، وبالأخير قطع النووى والله أعلم (١) بتثليث الفاء وآخره مثلثه أى لا يفحش فى الكلام (ولا يصخب) بالصاد المهملة والخاء المعجمة المفتوحة؛ ويجوز إبدال الصاد سينا كما جاء فى رواية عند مسلم أى لا يصيح ولا يخاصم (وفى رواية ولا يجهل) أى لا يفعل شيئًا من أفعال الجاهلية كالسفه والسخرية. (وقال القرطبى) لا يفهم من هذا أن غير الصوم يباح فيه ما ذكر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم (٢) لفظ البخارى "وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إنى صائم مرتين" (ولفظ مسلم) "إذا أصبح أحدكم يوما صائما فلا يرفص ولا يجهل فان امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إنى صائم إنى صائم" ومعنى شاتمه أى شتمه متعرضا لمشاتمته، ومعنى قاتله نازعه ودافعه وفى رواية (فان سابه أحد أو قاتله) زاد سعيد بن منصور من طريق سهيل (فان سابه أحد أو ماراه) يعنى جادله، وفى رواية أبى قرة من طريق سهيل عن أبيه (وإن شتمه إنسان فلا يكلمه) وفى رواية ابن خزيمة من طريق عجلان عن أبى هريرة (فان شاتمك أحد فقل انى صائم وان كنت قائمًا فاجلس) وفى رواية الترمذى (وان جهل على أحدكم جاهل وهو صائم فليقل اني صائم) قال الحافظ العراقى اختلف العلماء فى هذا على ثلاثة أقوال (أحدها) أن يقول ذلك بلسانه انى صائم حتى يعلم من يجهل أنه معتصم بالصيام عن اللغو والرفث والجهل (والثانى) أن يقول ذلك لنفسه أى واذا كنت صائما فلا ينبغى أن أخدش صومى بالجهل ونحوه فيزجر نفسه بذلك (قلت) قال النووى فى المجموع كل منهما حسن والقول باللسان أقوى ولو جمعهما لكان حسنًا اهـ (والقول الثالث) التفرقة بين صيام الفرض والنفل، فيقول ذلك بلسانه فى الفرض ويقول لنفسه فى التطوع اهـ (قال العينى) فان قلت قاتله أو شاتمه من باب المفاعلة وهى المشاركة بين الاثنين، والصائم مأمور بالكف عن ذلك (قلت) لا يمكن حمله على أصل الباب ولكنه قد يجيئ بمعنى فعل يعنى لنسبة الفعل الى الفاعل لا غير، كقولك سافرت بمعنى نسبت السفر الى المسافر، وكما فى قولهم عافاه الله وفلان عالج الأمر ويؤيد هذا رواية سهيل عن أبيه (وان شتمه انسان فلا يكلمه) اهـ (٣) اتفقت الروايات كلها على أنه
-------
(*) صوما وصياما واصطام ورجل صائم اهـ (وأما فى الشرع) فالصوم هو الامساك عن (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>