للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[تفسير الآية ومذاهب الأئمة فيما يستفاد منها]-

.....


أو يكتفى بأحكام الصحابة المتقدمة؟ على قولين، فقال الأمامان (الشافعى وأحمد) يتبع فى ذلك ما حكمت به الصحابة وجعلاه شرعا مقرراً لا يعدل عنه، وما لم يحكم فيه الصحابة يرجع فيه إلى عدلين، وقال الأمامان (مالك وأبو حنيفة) يجب الحكم فى كل فرد فرد، سواء وجد للصحابة فى مثله حكم أم لا، لقوله تعالى {يحكم به ذوا عدل منكم} قوله عز وجل {هديا بالغ الكعبة} أى واصلا إلى الكعبة، والمراد وصوله إلى الحرم بأن يذبح هناك ويفرق لحمه على مساكين الحرم، وهذا أمر متفق عليه فى هذه الصورة. قوله عز وجل {أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما} أى إذا لم يجد المحرم مثل ما قتل من النعم، أو لم يكن الصيد المقتول من ذوات الأمثال. أو قلنا بالتخيير فى هذا المقام بين الجزاء والأطعمة والصيام كما هو قول الأئمة (مالك وأبى حنيفة) وأبى يوسف ومحمد بن الحسن وأحد قولى الشافعى والمشهور عن أحمد رحمهم الله لظاهر "أو" بأنها للتخيير؛ والقول الآخر أنها على الترتيب، فصورة ذلك أن يعدل إلى القيمة فيقوِّم الصيد المقتول عند مالك وأبى حنيفة وأصحابه وحماد وابراهيم (وقال الشافعي) يقوِّم مثله من النعم لو كان موجوداً ثم يشترى به طعام فيتصدق به فيصرف لكل مسكين مدمنه عند الأمامين (الشافعى ومالك) وفقهاء الحجاز، واختاره ابن جرير (وقال الأمام أبو حنيفة) وأصحابه يطعم كل مسكين مدين وهو قول مجاهد (وقال الأمام أحمد) مدّ من حنطة أو مدان من غيره فان لم يجد أو قلنا بالتخيير صام عن إطعام كل مسكين يوما (وقال ابن جرير) وآخرون يصوم مكان كل صاع يوما كما فى جزاء المترفه بالحلق ونحوه، فان الشارع أمر كعب بن عجرة أن يقسم فرقا بين ستة أو يصوم ثلاثة أيام، والفرق ثلاثة آصع "واختلفوا فى مكان هذا الأطعام" فقال الشافعى مكانه الحرم. وهو قول عطاء، وقال مالك يطعم فى المكان الذى أصابه فيه الصيد أو أقرب الأماكن اليه (وقال أبو حنيفة) إن شاء أطعم فى الحرم وان شاء أطعم فى غيره قوله عز وجل {ليذوق وبال أمره} أى أوجبنا عليه الكفارة ليذوق عقوبة فعله الذى ارتكب فيه المخالفة {عفا الله عما سلف} أى فى زمان الجاهلية لمن أحسن فى الأسلام واتبع شرع الله ولم يرتكب المعصية. قوله عز وجل {ومن عاد فينتقم الله منه} أى ومن فعل ذلك بعد تحريمه فى الأسلام وبلوغ الحكم الشرعى اليه "فينتقم الله منه" قال ابن جريج قلت لعطاء ما "عفا الله عما سلف" قال عما كان فى الجاهلية، قال قلت وما "ومن عاد فينتقم الله منه" قال ومن عاد فى الأسلام فينتقم الله منه وعليه مع ذلك الكفارة، قال قلت فهل فى العود من حد تعلمه؟ قال لا، قال قلت فترى حقا على الأمام أن يعاقبه؟ قال لا، هو ذنب أذنبه فيما بينه وبين الله عز وجل ولكن يفتدى، ورواه ابن جرير، وقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>