هذا وقد جمع الأمام النووى رحمه الله فى شرح المهذب أحكام الباب فى أربع عشرة مسألة وإن كان معظمها تقدم مثله فى تفسير الآية الكريمة. إلا أنه رحمه الله بين فيها مذاهب السلف أحسن بيان لم يسبق الى مثله فيما أعلم، لهذا آثرت نقلها هنا لسهولة تناولها وكثرة فوائدها. قال رحمه الله (فرع فى مذاهب العلماء فى مسائل من جزاء الصيد) (إحداهما) إذا قتل المحرم صيدا أو قتله الحلال فى الحرم، فان كان له مثل من النعم وجب فيه الجزاء بالأجماع، ومذهبنا أنه مخير بين ذبح المثل والأطعام بقيمته والصيام عن كل مد يوما (وبه قال مالك وأحمد) فى أصح الروايتين عنه وداود إلا أن مالكا قال يقوَّم الصيد ولا يقوَّم المثل (وقال أبو حنيفة) لا يلزمه المثل من النعم وإنما يلزمه قيمة الصيد وله صرف تلك القيمة فى المثل من النعم (وقال ابن المنذر) قال ابن عباس إن وجد المثل ذبحه وتصدق به، فان فقده قوَّمه دراهم والدراهم طعام وصام ولا يطعم، قال وإنما أريد بالطعام الصيام، ووافقه الحسن البصرى والنخعى وأبو عياض وزفر (وقال الثوري) يلزمه المثل. فان فقده فالأطعام. فان فقده صام، دليلنا قوله تعالى {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم} إلى آخر الآية (واحتج المخالفون) بأن المتلف يجب مثله من جنسه أو قيمته وليست النعم واحدا منهما، فلم يضمن به كالصيد الذى لا مثل له من النعم؛ وكما لو أتلف الحلال صيدا مملوكا، وكضمان المحرم للصيد المملوك لمالكه (قال أصحابنا) هذا قياس منابذ لنص القرآن فلا يلتفت اليه، ثم ما ذكروه منتقض بالآدمى الحر فانه يضمن بالأبل ويضمن فى حق الله تعالى بما لا يضمن به فى حق الآدمي، فانه يضمن للآدمى بقصاص أو ابل، ويضمن لله تعالى بالكفارة وهى عتق والا فصيام، وبهذا يحصل