-[مذاهب العلماء فى مشروعية الخطبة يوم النحر ووقتها وعدد خطب الحج]-
.....
يوم النحر، ووافقهم الشافعية إلا أنهم قالوا بدل ثانى النحر ثالثه، وزادوا خطبة رابعة وهى يوم النحر (قال الأمام الشافعي) وبالناس اليها حاجة ليعلموا أعمال ذلك اليوم من الرمى والذبح والحلق والطواف، واستدل بأحاديث الباب، وتعقبه الطحاوى بأن الخطبة المذكورة ليست من متعلقات الحج لأنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيها شيئا من أعمال الحج، وإنما ذكر وصايا عامة كما تقدم، قال ولم ينقل أحد أنه علمهم فيها شيئا مما يتعلق بالحج يوم النحر فعرفنا أنها لم تقصد لأجل الحج (وقال ابن القصار) إنما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره لكثرة الجمع الذى اجتمع من أقاصى الدنيا فظن الذى رآه أنه خطب، قال وأما ما ذكره الشافعى أنه بالناس حاجة إلى تعليمهم أسباب التحلل المذكور فليس بمتعين، لأن الأمام يمكنه أن يعلمهم إياه بمكة أو يوم عرفة اهـ (وأجيب) بأنه صلى الله عليه وسلم نبه فى الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النحر وعلى تعظيم عشر ذى الحجة وعلى تعظيم البلد الحرام. وقد جزم الصحابة المذكورون بتسميتها خطبة كما تقدم فلا نلتفت إلى تأويل غيرهم، وما ذكره من امكان تعليم ما ذكر يوم عرفة يعكر عليه كونه يرى مشروعية الخطبة إلى يوم النحر وكان يمكن أن يعلموا يوم التروية جميع ما يأتى بعده من أعمال الحج، لكن لما كان فى كل يوم أعمال ليست فى غيره شرع تجديد التعليم بحسب تجدد الأسباب، وقد بين الزهرى وهو عالم أهل زمانه أن الخطبة ثانى يوم النحر نقلت من خطبة يوم النحر وأن ذلك من عمل الأمراء يعنى بنى أمية كما أخرج ذلك ابن أبى شيبة عن الزهرى وإن كان مرسلا لكنه معتضد بما سبق، وظهر به أن السنة الخطبة يوم النحر لا ثانيه، وأما قول الطحاوى إنه لم يعلمهم شيئا من أسباب التحلل فيرده ما عند البخارى من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وذكر فى الزوائد أنه شهد النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النحر وذكر فيه السؤال عن تقديم بعض المناسك، وثبت أيضا فى بعض طرق أحاديث الباب أنه صلى الله عليه وسلم قال للناس حينئذ خذوا عنى مناسككم فكأنه وعظهم بما وعظهم به وأحال فى تعلمهم على تلقى ذلك من أفعاله. أفاده الحافظ (وفى حديث رافع بن عمرو المزنى المذكور فى الزوائد) دلالة على أن هذه الخطبة كانت وقت الضحى من يوم النحر (يعنى قبل طواف الأفاضة) ومشى على ذلك الحافظ ابن القيم فى الهدى، ولكن ذهب القائلون بمشروعية الخطبة فى هذا اليوم إلى أنها كانت بعد الظهر يوم النحر بمنى بعد طواف الأفاضة. ولم أقف لهم على دليل فى ذلك من الأحاديث فالله أعلم (قال النووي) وخطب الحج المشروعة عندنا أربع، أولها بمكة عند الكعبة فى اليوم السابع من ذى الحجة. والثانية بنمرة يوم عرفة. والثالثة بمنى يوم النحر. والرابعة بمنى فى الثانى من أيام التشريق وكلها خطبة فردة وبعد صلاة الظهر إلا التى بنمرة فانها خطبتان وقبل صلاة الظهر وبعد