للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٤ -

بيان الأسباب التي دعت إلى اختصار الشرح

-----

ذلك إلا الله تعالى، ورغما عن ذلك كله فقد أراد الله عز وجل أن يظهر الجزء الرابع عشر من الفتح الرباني ونستأنف طبعه في هذه الأوقات العصيبة، الأمر الذي لم يكن في الحسبان، ولكن إرادة الله عز وجل فوق كل إرادة (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) سبحانك ربي لا أحصي ثناء عليك فلك الحمد ولك الشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، أنت العليم بدقائق الأمور، وما تخفي الصدور، أسالك أن تيسر لي طبع جميع الكتاب، وأن تنفع به


المتواضعين المحبين للسنة المغرمين بالكتاب. الذين ليسو من ذوي الهيئات ولا من أرباب التشريفات الحوا علي في طبع ما بقي من الكتاب فأخبرتهم بكل ما تقدم، فاقترحوا علي أن أطبع الفتح الرباني مجردا عن الشرح. قالوا بذلك يتوفر ثلاثة أرباعه النفقة. وتكون قد خدمت مسند الإمام أحمد الذي هو أجمع كتاب في أصول السنة المعتبرة بطبع ترتيبه لينتفع به أهل العلم وغيرهم، ولو لم يطبع إلا هذا الترتيب الذي لم يسبق له مثيل لكان في ذلك أعظم خدمة للناس، وبغير هذه الطريقة لا يمكن طبعه فتكون قد أضعت المتن والشرح معا، وما لا يدرك كله لا يترك كله، فارتاح ضميري لهذا الاقتراح إلا انه عز عليا أن اترك الشرح الذي بذلت فيه مجهودا أكثر من مجهودي في ترتيب المسند. ولكن الله عز وجل ألهمني حلا وسطا، وهو أني أختصر الشرح بالصفة المتقدمة وانشرح صدري لذلك: ففيه توفير أكثر من نصف النفقة وعدم ضياع كل مجهودي في الشرح وانتهى الأمر على الاختصار.
(ومن ثم) أخذت أعمل في اختصار الشرح ولم أفكر في طبعه الآن ولم يخطر ذلك على بال، وبينما أنا مجد في عملي إذ حظر لدي أحد الأصدقاء المخلصين: والعلماء الصوفيين الداعيين إلى الله عز وجل اشترى نسخة من بدائع المنن، ثم قال لي لماذا طبعت بدائع المنن ولم تطبع الجزء الرابع عشر والخامس عشر من الفتح الرباني بدله؟ فقلت مهلا يا أخي فإني ما طبعت بدائع المنن إلا وجعله وسيلة للإنفاق على طبع الفتح الرباني ثم ذكرت له كل ما تقدم وما شرعت فيه من الاختصار، فوافق عليه وبدت علائم الأسف على وجهه ثم انصرف، وبع يومين حضر معه رجلين صالحين أحدهما تاجر والثاني مهندس وأخبرني أنه اتفق معهما وآخرين على مساعدتي بإعطائي شيئا من المال قرضة أستعين به على طبع
الكتاب: ثم دفعه إلي فعلا بالمجلس وقال أن هذا المبلغ لا يرد إلا بعد طبع الكتاب وتوزيعه: فشكرت لهم هذا الصنيع ودعوت الله أن يبارك لهم في مالهم وأولادهم وأن يكثر من أمثالهم: فكان هذا المال سببا في شراء الورق، أما أجرة الطبع فستكون إن شاء الله تعالى مما يباع من بدائع المنن ومن المطبوع من الفتح الرباني: وقد عودني الله عز وجل الإعانة في مآزق فله الحمد والمنة: وقد أرسلت الأصول إلى المطبعة وشرع العمال في جمع الملزمة الأولى نسأل الله عز وجل الإعانة على التمام وحسن الختام.
٢١ جمادى الثانية سنة ١٣٧٠ هـ ... المؤلف

<<  <  ج: ص:  >  >>