للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١٣٠ -

وجوب اتخاذ مصانع لآلات الحرب كل زمن بما يليق به لقوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)

-----

وستون أو بضع وسبعون قوسا مع كل قوس قرن ونبل وأوصى بهن في سبيل الله (عن خالد ابن زيد) قال كان عقبة بن عامر يأتيني فيقول أخرج بنا نرمي فأبطأت عليه ذات يوم أو تثاقلت فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يدخل بالسهم الواحد ثلاث الجنة، فذكر نحو الحديث المتقدم، وفي آخره ومن علمه الله الرمي فتركه رغبة عنه فنعمة كفرها (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال بيننا الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم دخل عمر فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر


القرن بالتحريك جعبة من جلود تشقق ويجعل فيها الشاب أي السهام العربية وهي النبل (بفتح النون) (تخريجه) (مي ك. والأربعة) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق ابن عيسى قال ثنا يحي حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد أن أبا سلام حدثه قال حدثني خالد بن زيد الخ (غريبة) أي كراهة فيه (وقوله فنعمة كفرها) تقدم الكلام عليه في الحديث السابق (تخريجه) (حب. والأربعة) وفي إسناده عند الإمام أحمد وعند بعضهم أيضا خالد بن زيد فيه مقال وبقية رجاله ثقات، ويعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي في المسجد كما صرح بذلك في رواية للبخاري، وإنما جاز ذلك فيه لأنه من منافع الدين أو كان ذلك في ابتداء الأمر الحصباء بالمد صغار الحصى، والمعنى أن عمر رضي الله عنه رماهم بالحصباء لعدم علمه بالحكمة فظنه أنه من اللهو الباطل (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفي أحاديث هذا الباب دلالة على مشروعية الرمي بالسهام واللعب بالحراب وفضل ذلك والحث عليه والاعتناء بتعلمه والتدريب عليه وعدم إهماله، وأن من أهمل ذلك أو تعلمه وتركه كان على غير هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعد عاصيا، ومثل الرمي استعمال سائر أنواع السلاح وصنعها، وكذا المسابقة بالخيل كما تقدم في بابه، والمراد بهذا كله التمرن على القتال في سبيل الله والتدريب عليه والاستعداد له ورياضة الأعضاء بذلك، لأن الله عز وجل يقول (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي فقال صلى الله عليه وسلم (إلا أن القوة الرمي) قالها ثلاثا للتأكيد وشدة الاعتناء بشأنه، وإن كان المراد بالرمي في زمنه صلى الله عليه وسلم الرمي بالسهام لكن يدخل في معناه ما استحدث الآن: من الرمي بالبنادق والمدافع والقنابل ونحوها وكل ما يحدث من آلات القتال في كل زمان ومكان: لأن الآية تدل على وجوب صنع الآلات الحربية مطلقا في كل زمان: ففي زماننا هذا يكون الاستعداد بصنع المدافع والدبابات والطائرات والسفن الحربية المدرعة والغواصات: وتدل |أيضا على وجوب تعلم العلوم والفنون والصناعات التي يتوقف عليها ذلك: وما أصابنا التأخر والانحطاط إلا بإهمال هذه المهمات ومخالفة بارئ الأرض والسماوات: فلعلنا نتعظ بما يفعله الأجانب من التفنن في صنع آلات الحرب والمسابقة في ذلك فنفيق من سبتنا، ونستيقظ من نومنا، ونعمل بكتابنا وسنة رسولنا

<<  <  ج: ص:  >  >>