للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[قصة الأعرابي الذي ابتاع النبي صلَّى الله عليه وسلم منه جملا وفيها دلالة على عظم خلقه صلَّى الله عليه وسلم وانصافه]-

فحلف بالله لا يضع شيئا، قالت فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم تألىّ (١) لا أصنع خيرا (وفي لفظ تالى أن لا يفعل خيرا) ثلاث مرار، قالت فبلغ ذلك صاحب التمر فجاءه (٢)، فقال أي بأبي وأمي إن شئت وضعت ما نقصوا وإن شئت من رأس المال ما شئت فوضع ما نقصوا قال أبو عبد الرحمن (عبد الله بن الامام احمد) وسمعته أنا من الحكم، (وعنها أيضا) (٣) قالت ابتاع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من رجل من الاعراب جزورا (٤) أو جزائر بوسق من تمر الذخيرة (٥) وتمر الذخيرة العجوة فرجع به رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إلى بيته والتمس له التمر فلم يجده فخرج اليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فقال يا عبد الله أنا قد ابتعنا منك جزوراً أو جزائر بوسق من تمر الذخيرة فالتمسناه فلم نجده، قالت فقال الأعرابي واغدراه (٦) قالت فنهمه (٧) الناس وقالوا قاتلك الله أيغدر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم؟ قالت فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم دعوه فان لصاحب الحق مقالا (٨) ثم عاد له رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال يا عبد الله انا قد ابتعنا منك جزائر ونحن نظن أن عندنا ما سمينا لك فالتمسناه فلم نجده فقال الأعرابي واغدراه، فنهمه الناس وقالوا قاتل الله أيغر رسو الله صلَّى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم دعوه فان لصاحب الحق مقالا، فردد ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا، فلما رآه لا يفقه عنه (٩) قال لرجل من أصحابه اذهب الى خويلة بنت الحكيم بن امية فقل لها رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول لك ان كان عندك وسق من تمر الذخيرة فاسلفيناه حتى نؤديه إلى إن شاء الله، فذهب اليها الرجل ثم رجع الرجل فقال قالت نعم هو عندي يا رسول الله


النقص على غير العادة لكونه أصيب بجائحة أو نحوها فجاءا يستوضعان البائع مقدار النقص فحلف بالله لا يضع لهما شيئا (١) من الالية بفتح الهمزة وكسر اللام وتشديد الياء المثناة وهي المين، والتألي المبالغة في اليمين، والمعنى ان هذا الرجل حلف وبالغ في يمينه انه لا يفعل خيرا وكرر صلَّى الله عليه وسلم هذا اللفظ ثلاث مرات تأكيدا للإنكار عليه (٢) أي فجاء صاحب التمر تائبا نادما على فرط منه فقال يا رسول الله افديك بأبي وأمي ان شئت وضعت لهم من الثمن بقدر النقص، وان شئت اكثر من ذلك بان اضع لهم من رأس المال الباقي بعد وضع مقدار النقص فعلت ما شئت يا سول الله فلم يكلفه النبي صلَّى الله عليه وسلم الا بوضع مقدار النقص وهذا هو عين العدل للطرفين (تخريجه) (حب) قال الهيثمي رواه احمد ورجاله ثقات وفي عبد الرحمن ابن ابي الرجال كلام وهو ثقة اهـ (قلت) ورواه (فع هق) عن عمرة مرسلا، (٣) (سنده) حدّثنا يعقوب قال حدثني ابى عن ابن إسحاق قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (٤) الجزور بعير ذكرا كان أو انثى والجزائر جمع جزور، والمعنى ان الراوي يشك في كونه بعيرا أو اكثر (والوسق) بفتح الواو وسكون المهملة ستون صاعا وتقدم تحريره في كتاب الزكاة وغيره (٥) هو نوع من التمر معروف عند اهل الحجاز، وفسره الراوي بالعجوة (٦) الغدر هو نقض العهد وعدم الوفاء، وقد فهم الاعرابي ان النبي صلَّى الله عليه وسلم غدر به ولم يرد أن يوفيه حقه، ولذلك اتى بصيغة الندبة، وهى نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه (٧) بفتح الهاء أي زجروه وصاحوا به، يقال نهم الإبل اذا زجرها لتمضي (٨) يريد بالمقال صولة الطلب وقوة الحجة ولكن مع رعاية الأدب المشروع، وهذا من كمال خلقه وجمال شيمه وانصافه وقوة صبره على جفاة الأعراب مع القدرة على الانتقام (٩) أي لا يفهم ولا يعرف للامه صلَّى الله عليه وسلم معنى لفرط جهله به

<<  <  ج: ص:  >  >>