-[كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني في الذب عن حديث ابن عمر في الاحتكار]-
منه (١) وأيما أهل عرصة (٢) أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة (٣) الله تعالى
عز وجل من الرحمة والمغفرة (١) أي صار لا كرامة له عند الله ولا حرمة، وناهيك بعذاب من اتصف بذلك (٢) العرصة بوزن رحمة، قال في القاموس كل بقعةٍ بين الدور واسعة ليس فيها بناء اهـ وفي المصباح عرصة الدار ساحتها وهي البقعة التي ليس فيها بناء والجمع عرصات مثل سجدة وسجدات، وفي التهذيب سميت ساحة الدار عرصة لأن الصبيان يعترصون فيها أي يلعبون ويمرحون، وعلى هذا فيكون معنى أهل عرصة أي بيت أو قرية الخ (٣) الذمة والذمام العهد والأمان والضمان والحرمة والحق، والمعنى أن لكل واحدٍ عند الله عهدًا بالحفظ والكلاءة فإذا خالف ما أمر به أو فعل ما حرم عليه خذلته ذمة الله فيصير لا عهد له عند الله ولا حرمة، وهؤلاء قد ارتكبوا ما يغضب الله عز وجل وهو التسبب في جوع الجار الفقير الذي بين أظهرهم وعدم بره فاستحقوا المقت والإهانة من الله عز وجل نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (ك عل بز طس) وهذا الحديث مما طعن فيه الحافظ العراقي وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وذب عنه الحافظ بن حجر في كتابه (القول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد) وقد أتيت بجميع ما قاله الحافظ العراقي والحافظ بن حجر في شرحي الكبير (بلوغ الأماني) وإليك تلخيص ما ذب به الحافظ بن حجر عن هذا الحديث (قال رحمه الله) إسناد أحمد خير من إسناد من رووا هذا الحديث غيره فإنه (يعني عند أحمد) من رواية يزيد بن هارون الثقة عن أصبغ بن زيد، وكذا أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أبي خثيمة عن يزيد بن هارون، ووهم ابن عدي فزعم أن يزيد تفرد بالرواية عنه (يعني عن أصبغ) وليس كذلك، فقد روى عنه نحو من عشرة لم أر لأحدٍ من المتقدمين فيه كلامًاإلا لمحمد بن سعد، وأما الجمهور فوثقوه، منهم غير من ذكره شيخنا أبو داود والدارقطني وغيرهما، ثم ان للمتن شواهد تدل على صحته فذكر له جملة شواهد منها (حديث معمر بن عبد الله العدوي) الآتي بعد حديثٍ رواه (م دمذ) ومنها حديث عمر الذي يليه، قال الحافظ رواه ابن ماجه ورواته ثقات، هذا ما يتعلق بالاحتكار قال (وأما ما يتعلق بوعيد من بات بجوارهم جائع) فله شواهد أيضًا (منها) ما رواه (طب بز) بإسناد حسن من حديث أنسٍ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم، وذكر له شواهد غير هذا (فان قيل) إنما حكم عليه بالوضع لما في ظاهر المتن من الوعيد الموجب للبراءة ممن فعل ذلك وهو لا يكفر بفعل ذلك (فالجواب) أن هذا من الأحاديث الواردة في معرض الزجر والتنفير ظاهرها غير مراد، وقد وردت عدة أحاديث في الصحاح تشتمل على البراءة، وعلى نفي الإيمان وعلى غير ذلك من الوعيد الشديد في حق من ارتكب أمورًا ليس فيها ما يخرج عن الإسلام كحديث أبي موسى الأشعري في الصحيح في البراءة ممن حلق وسلق، وحديث أبي هريرة لا يزني الزاني وهو مؤمن إلى غير ذلك، وقال ولا يجوز الإقدام على الحكم بالوضع قبل التأمل والتدبر والله الموفق (تنبيه) (قال الحافظ) أبو بشر (يعني المذكور في سند الحديث) جعفر بن أبي وحشية من رجال الشيخين، وأبو الزاهرية اسمه حدير بن كريب من رجال مسلم ورواية أبي بشر عنه من رواية الأقران لأن كلًا منهما من صغار التابعين، وكثير بن مرة تابعي ثقة باتفاقٍ من رجال الأربعة في الإسناد ثلاثة من التابعين والله أعلم اهـ ملخص كلام الحافظ في القول المسدد جزاه الله خيرًا، وعلى هذا فالحديث صحيح