-[إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم الدور لأرامل المهاجرين بالمدينة]-
ونساء من المهاجرات يشتكين منازلهن وأنهن يخرجن منه ويضيّق عليهم فيه (١) فتكلمت زينب (٢) وتركت رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست تكلمين بعينك، تكلمى واعملى عملك، فأمر رسول الله أن يُورّث من المهاجرين النساء (٣) فمات عبد الله (بن مسعود) فورثته امرأته داراً بالمدينة * (عن علقمة بن وائل)(٤) عن أبيه (وائل بن حجر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً قال فارسل معى معاوية أن أعطها إياه أو قال إعلمها غياه، (٥) قال فقال لى معاوية أردفنى خلفك (٦) فقلت لا تكون من أرداف الملوك، (٧) قال فقال أعطنى نعلك، (٨) فقلت انتعل ظل الناقة (٩) قال فلما استخلف معاوية أتيته فأقعدنى معه على السرير فذكرني
باب رمى أي تطلب في رأسه القمل (١) ذكر الضمير باعتبار المنزل , وفي رواية أبي داود (يشتكين منازلهن أنها تضيق عليهن ويخرجن منها) قال في فتح الودود إنها تضيق عليهن إذا مات زوج واحدة فالدار يأخذها الورثة وتخرج المرأة وهي غريبة في الغربة (يعني المدينة لأنها ليست وطنهن الأصلي) فلا تجد مكانا آخر فنتعب لذلك (٢) في رواية الطبراني فقالت زينب فجعلت أشكو ضيق المسكن , فقال (أي النبي صلى الله عليه وسلم) هذا كما صنعت امرأة عثمان بن مظعون لم يسعها ما نزلت , وهذه الرواية تؤيد ما تقدم (٣) رواية أبي داود (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توّرث دور المهاجرين النساء , فمات عبد الله الخ والمعنى أن نساء المهاجرين يرثن الدور بعد موت أزواجهن لا يشاركهن فيها احد من الورثة (قال الخطابي) أما توريثه صلى الله عليه وسلم الدور نساء المهاجرين خصوصا فيشبه أن يكون ذلك على معنى القسمة بين الورثة وإنما خصصهن بالدور لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهم فحاز لهن الدور لما رأى من المصلحة في ذلك {تخريجه} لم أقف على من أخرج الطريق الأولى منه غير الإمام أحمد وسندها جيد , وأخرج الطريق الثانية (د هق) وفي إسنادهما عبد الواحد بن زياد العبدي , قال في التقريب ثقة في حديثه عن الأعمش وحده مقال أهـ (قلت) تابعه شريك عن الأعمش كما في الطريق الأولى وإن لم يكن فيها ذكر القصة ففيها معنى الحديث المرفوع وعلى هذا فسنده جيد والله أعلم (٤) {سنده} حدثنا حجاج قال أنا شعبة عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل الخ {غريبه} (٥) أو للشك من الراوي ومعناه أن يعلم عليها علامة ويخط عليها خطا ليعلم أنه قد احتازها وتسلمها (٦) أي أركبني خلفك على الدابة (٧) قال في النهاية أرداف الملوك هم الذين يخلفونهم في القيام بأمر المملكة بمنزلة الوزراء في الإسلام وأحدهم ردف , والاسم الرادفة أهـ , والمعنى أنك أحقر من ذلك , وإنما قال ذلك , لأنه كان من ملوك حمير ومعاوية في ذاك الوقت كان فقيرا لا يملك شيئا (٨) إنما طلب معاوية من وائل نعله ليتقي به حرارة الأرض حيث أنه لم يقبل إردافه خلفه , فلا أقل من أن يعطيه نعله , فقال له وائل (انتعل ظل الناقة) (٩) يريد أن ظل الناقة يقيك حرارة الأرض , وفي هذا القول غاية الاحتقار والاستهزاء بمعاوية أن ظل الناقة لا يقي شيئا من حرارة الأرض ما دامت سائرة: والظاهر أن الذي حمل وائلا على ذلك كونه حديث العهد بالإسلام لم يمض عليه زمن يدرس فيه أدب الدين الإسلامي وتعاليمه , وكان قيه بقية من عظمة ملوك الجاهلية فكيف يطلب منه معاوية أن يردف خلفه أو يعطيه نعله: لهذا احتقره وسخر منه , ولو علم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يردف خادمه من خلفه في السفر وكانوا يتبادلون النعال كذلك