-[قصة الرجل الذي قاتل أشد الكفاح مع الصحابة ثم قتل نفسه]-
أخبره بعض من شهد النبي صلى الله عليه وسلم (١) بخيبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ ممن معه (٢) إن هذا لمن أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراح فأتاه (٣) رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله أرأيت الرجل الذي ذكرت أنه من أهل النار فقد والله قاتل في سبيل الله أشد القتال وكثرت به الجراح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار وكاد بعض الصحابة أن يرتاب (٤) فبينما هم على ذلك وجد الرجل ألم الجراح فأهوى بيده إلى كنانته فانتزع منها سهمًا فانتحر به فاشتد (٥) رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله قد صدق الله حديثك قد انتحر فلان فقتل نفسه (باب وجوب المحافظة على النفس وتجنب ما يظن فيه هلاكها)(عن أبي عمران الجوني)(٦) قال حدثني بعض أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزونا نحو فارس فقال قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم من بات فوق بيتٍ ليس له إجار (٧) فوقع فمات فقد برئت منه الذمة (٨)، ومن ركب البحر عند ارتجاجه (٩) فمات فقد برئت منه الذمة
شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله الخ (غريبه) (١) الظأهر أنه أبو هريرة رضي الله عنه فقد جاء في بعض طرق هذا الحديث عند البخاري عن ابن شهاب اخبرني ابن المسيب وعبد الرحمن ابن عبد الله بن كعب أن أبا هريرة قال شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر فذكر الحديث، وحديث أبي هريرة روأه أيضا الأمام أحمد وتقدم في الجزء الرابع عشر رقم ٦٤ صحيفة ٢٠ من كتاب الجهاد (٢) أي يدعى الإسلام كما صرح بذلك في حديث أبي هريرة المشار إليه عند البخاري والأمام أحمد، والمعنى أن رسول الله قال لأصحابه مشيرا إلى رجل من المنافقين يدعى الإسلام وقد حضر معهم إلى غزوة خيبر لمآرب في نفسه (إن هذا لمن أهل النار) (٣) أي فأنى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجال من أصحابه فقالوا يا رسول الله الخ (٤) وجه الريبة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكد لهم مرة ثانية أنه من أهل النار وقد شهدوا أن الرجل بذل جهده في القتال حتى كثرت به الجراح (٥) أي أسرع في المشي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (تخريجه) (ق) والأمام أحمد بهذا السياق من حديث أبي هريرة المشار إليه رقم ٦٤ صحيفة ٢٠ في باب إخلاص النية في الجهاد من كتاب الجهاد، وعن سهل بن سعد الساعدي نحوه وتقدم هناك أيضاً، وفي أحاديث الباب دلالة على تغليظ التحريم والوعيد الشديد والعذاب والتهديد لمن قتل نفسه بأي شيء كما في حديث ثابت بن الضحاك مرفوعا (من قتل نفسه بأي شيء عذبه الله به في نار جهنم) وهو عام في كل شيء ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست لمكا له مطلقا بل هي لله تعالى فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه (باب) (٦) حدثنا أزهر بن القاسم ثنا محمد بن ثابت عن أبي عمران الجوني الخ (غريبه) (٧) بكسر الهمزة وتشديد الجيم هو ما يرد الساقط من البناء من حائط على السطح أو نحوه (٨) معنأه أن لكل أحد من الله عهدا بالحفظ والكلاة فإذا ألقى بيده إلى التهلكة أو فعل ما حرم عليه أو خالف ما أمر به خذلته ذمته الله تعالى (٩) أي هياجه وتلاطم أمواجه لأن من ركبه في هذه الحال فقد ألقى بنفسه إلى الهلاك والله تعالى يقول (ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة) وهذا الحديث تقدم شرحه وتخريجه في الجزء الحادي عشر رقم ٣٧ في باب اعتبار الزاد والراحلة من الاستطاعة من