-[قصة محلم بن جثامة الذى قتل عامر بن الأضبط الأشجعي]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تأخذون الدية خمسين فى سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا (١) قال يقول علية والله يا رسول الله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحزن (٢) ما ذاق نسائى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل تأخذون الدية: فأبى عيينة فقام رجل من ليث يقال له مكيتل (٣) رجل قصير مجموع فقال يا نبى الله ما وجدت لهذا القتيل شبيها فى غرة الإسلام (٤) إلا كغنم وردت (٥) فرمى أولها فنفر آخرها، أسنن اليوم وغير غداً (٦) قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال بل تقبلون الدية فى سفرنا هذا خمسين، وخمسين إذا رجعنا، فلم يزل بالقوم حتى قبلوا الدية، فلما قبلوا الدية قال قالوا أين صاحبكم يستغفر له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقام رجل آدم (٧) طويل ضرب عليه حلة كأن (٨) تهيأ للقتل حتى جلس بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم (٩) فلما جلس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك؟ قال أنا محلم بن جثامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم لا تغفر لمحلم ثلاث مرات فقام من بين يديه وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه، فأما نحن بيننا فنقول قد استغفر له ولكنه أظهر ما أظهر ليدع الناس بعضهم من بعض (١٠)
عنه التهمة ويعمل لصالحه لكونهما من قبيلة واحدة هي قبيلة خندف بكسر الخاء المعجمة والدال المهملة بينهما نون ساكنة ممنوع من الصرف لكونه اسم قبيلة، وهو في الأصل لقلب ليلى بنت عمران بن إلحاف ابن قضاعة سميت بها القبيلة (نه) (١) فيه أن للأمام أن يطلب إلى ولي الدم في العفو عن القود بأخذ الدية إذا رأى في ذلك مصلحة (٢) جاء في رواية أخرى للأمام أحمد (من الحر) بدل الحزن ومعناه حرقة القلب من الوجع والغيظ والمشقة (وفي لفظ لأبي داود) من الحرب بفتح الحاء والراء المهملتين نهب مال الأنسان وتركه لا شيء له، يقال حربه يحر به حرباً مثل طلبه يطلبه طلبا (وقوله مأذق ر ثي) يشعر بأن عيينة كان بينه وبين القتيل قرابة أو مصاهرة أو هما معاً (٣) بضم أوله وفتح ثانيه ثم ياء تحتيه ساكنه بعدها تاء مثناه مكسورة (وقوله مجموع) أي مسلح بأنواع السلاح قوي لم يهزم (٤) وغرة الإسلام أوله كغرة الشهر أوله (٥) أي حضرت مجتمعه إلى الماء لتشرب (فرمى) بالبناء للمفعول (أولها) أي السابق إلى الماء بنحو حجر أو سهم (فنفر) أي فر وتفرق (أخرها) خشية أن يصيبه ما أصاب أولها، وهذا مثل ضربه مكيتل لهذه الواقعة، يريد أنه إذا لم يقتص من القاتل في أول الإسلام وقبلت مه الدية مع ما هو معلوم أن العرب أحرص الناس على الأخذ بالثأر يخشى عليهم النفور من الإسلام وعدم الدخول فيه: أو يريد الحث على القصاص من القاتل وعدم قبول الدية ليكون عظة وعبرة للآخرين فلا يقتلون أحدا والله أعلم (٦) هذا مثل ثان يريد به الحث على قتل القاتل أيضا ومعناه كما في النهاية أعمل بسنتك التي سننتها في القصاص ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغير ما سننت فغير، وقيل فغير من أخذ الغير (بكسر الغين المعجمة وفتح الياء التحتية) وهي الدية (٧) أي أسمر اللون (طويل ضرب) بفتح الضاد المعجمة وسكون الراء هو الخفيف اللحم الممشوق المتدق (٨) أن مخففه من الثقيله أي كأنه تهيأ للقتل وفي لفظ (عليه حلة له قد كان تهيأ فيها للقتل) (٩) جاء عند أبي داود فجلس بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعيناه تدمعان فقال يا رسول الله أني قد فعلت الذي بلغك وإني أتوب إلى الله فاستغفر الله لى يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقتله بسلاحك في غرة الإسلام اللهم لا تغفر لمحلم بصوت عال (١٠) زاد أبو داود