للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[كلام العلماء في حكم تخضيب الشيب بالحناء والكتم]-

والزعفران (حدّثنا وكيع) (١) حدثتنى أم غراب (٢) عن بنانة قالت ما خضب عثمان قط (تعنى عثمان بن عفان) رضي الله عنه (عن أنس بن مالك) (٣) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخضب قط إنما كان البياض في مقدم لحيته وفي العنفقة (٤) وفي الرأس وفي الصدغين شيئاً لا يكاد يرى، وأن أبا بكر خضب بالحناء (٥)


به، والزعفران معلوم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز) ورجاله رجال الصحيح خلا بكر بن عيسى وهو ثقة (١) (حدّثنا وكيع الخ) (غريبه) (٢) أم غراب اسمها طلحة ذكرها ابن حيان في الثقات (وبنانة) بضم الموحدة ونونين بينهما ألف وهى خادم كانت لأم البنين امرأة عثمان، قاله الحافظ في تعجيل المنفعة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده حسن (٣) (سنده) حدّثنا أبو سعيد ثنا المثنى عن قتادة عن أنس (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (٤) تقدم أن العنفقة هي الشعرات تحت الشفة السفلى (وقوله وفي الرأس) جاء عند مسلم (وفي الرأس نبذ) أي شعرات متفرقة (وفي الصدغين) الصدغ هو ما بين العين والأذن (٥) تقدم في رواية للإمام أحمد وعند مسلم أيضاً أن أبا بكر خضب بالحناء والكتم وخضب عمر بالحناء (زاد مسلم بحتا) أي منفرداً ولم يخلط بكتم ولا غيره (تخريجه) (م) (هذا وفي أحاديث الباب) دلالة على مشروعية تغيير الشيب بالحناء والكتم وأن ذلك مستحب شرعاً، وفي بعض أحاديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وفي بعضها أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله، لذلك اختلف الصحابة رضي الله عنهم في الخضب وتركه، فخضب أبو بكر وعمر وغيرهما كما تقدم، وترك الخضاب على وأبىّ بن كعب وسلمة بن الأكوع وأنس وجماعة، وجمع الطبرى بأن من صبغ منهم كان اللائق به كمن يستشنع شيبه، ومن ترك كان اللائق به كمن لا يستشنع شيبه، وعلى ذلك حمل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر الذي سيأتى في الباب التالى أخرجه مسلم والإمام أحمد وغيرهما في قصة أبى قحافة حيث قال لما رأى رأسه كأنها الثغامة بياضاً (غيروا هذا وجنبوه السواد) ومثله حديث أنس في الباب التالى أيضا، وزاد الطبرى وابن أبى عاصم من وجه آخر عن جابر (فذهبوا به وحمروه) (والثغامة) بفتح المثلثة وتخفيف المعجمة نبات شديد البياض زهرة وثمره، قال فمن كان في مثل حال أبى قحافة استحب له الخضاب لأنه لا يحصل به الغرور لأحد، ومن كان بخلافه فلا يستحب في حقه ولكن الخضاب مطلقاً أولى لأنه فيه امتثال الأمر في مخالفة أهل الكتاب، وفيه صيانة للشعر عن تعلق الغبار وغيره به إلا إن كان من عادة أهل البلد ترك الصبغ وأن الذي ينفرد بدونهم بذلك يصير في مقام الشهرة فالترك في حقه أولى (قال الحافظ) وقد نقل عن أحمد وجوب الخضب، وعنه يجب ولو مرة، وعنه لا أحب لأحد ترك الخضب ويتشبه بأهل الكتاب (أما كونه صلى الله عليه وسلم خضب أم لا) فقد ثبت في حديث أبى رمثه وأم سلمة وعبد الله بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم خضب بالحناء والكتم، وفي حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم لم يخضب قط، وإنما قال ذلك أنس على حسب ما يعلم، ولكن عدم علم أنس بوقوع الخضاب منه صلى الله عليه وسلم لا يستلزم العدم، ورواية من أثبت أولى من روايته لأن غاية ما في روايته أنه لم يعلم وقد علم غيره، على أنه لو فرض عدم ثبوت اختضابه صلى الله عليه وسلم لما كان قادحاً في سنية الخضاب لورود الإرشاد إليه قولاً في الأحاديث الصحيحة، وقد جع الطبرى بين أحاديث النفي والإثبات فقال من جزم بأنه صلى الله عليه وسلم خضب فقد حكى ما شاهد وكان ذلك في بعض الأحيان، ومن نفى ذلك فهو محمول على الأكثر الأغلب من حاله صلى الله عليه وسلم والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>