للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن فقلت لعمر وكيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال هو والله خير فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله بذلك صدري ورأيت فيه الذي رآى عمر (١) قال زيد وعمر عنده جالس لا يتكلم فقال أبو بكر انك (٢) شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعه قال زيد فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به (٣) من جمع القرآن فقلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم (٤) (ز) (عن أبي بن كعب) (٥) أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر رضي الله عنه فكان رجال يكتبون ويملى عليهم أبي بن كعب فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون) فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن فقال لهم أبي بن كعب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأني بعدها آيتين (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم إلي وهو رب العرش العظيم) ثم قال هذا آخر


(١) كل ما تقدم من قوله (فقال أبو بكر ان عمر أتاني) إلى هنا من حكاية أبي بكر لزيد بن ثابت عما تم له مع عمر (٢) يخاطب زيد بن ثابت (٣) فإن قلت كيف عبر أولا بقوله (لو كلفوني) وأفرد في قوله (مما أمرني به) أجيب بأنه جمع باعتبار أبي بكر ومن وافقه وأفرد باعتبار أنه الآمر بذلك وحده وانما قال زيد ذلك خشية من التقصير في ذلك لكن الله عز وجل يسر له هذا الأمر تصديقا لقوله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر) (٤) هذا آخر الحديث عند الامام احمد (وزاد البخاري) قال (يعني ابا بكر) هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب (بضم العين والسين المهملتين بعدهما موحدة أي جريد النخل العريض العاري عن الخوص) واللخاف (بكسر اللام وفتح المعجمة وبعد الألف فاء الحجارة الرقاق) وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الانصاري لم أجدها مع أحد غيره (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصه بنت عمر رضي الله عنهما (تخريجه) (خ مذ نس) (قوله لم أجدها مع غيره) يعني آخر سورة التوبة لم يجدها مكتوبة عند غيره ممن كانوا يكتبون الوحي لا أنه لم يكن يحفظها غيره بل كان يحفظها الكثيرون ويتلونها في الصلاة وغيرها وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لابي بكر وعمر رضي الله عنهما أما عمر فلكونه نبه أبا بكر لهذا العمل الجليل وأما أبو بكر فلكونه نفذ الفكرة بدون توان وهذا من أعظم ما فعله الصديق رضي الله عنه فإنه أقامه الله تعالى بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد من بعده قاتل الأعداء من مانعي الزكاة والمرتدين والفرس والروم ونفذ الجيوش وبعث البعوث والسرايا ورد الأمر الى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله وكان هذا من سر قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإناله لحافظون) وقد روى عن علي باسناد صحيح انه قال أعظم الناس اجرا في المصاحف ابو بكر ان ابا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين رضي الله عنه وأرضاه (٥) (ز) (سنده) حدثنا روح بن عبد المؤمن ثنا عمر بن شقيق ثنا ابو جعفر الرازي ثنا الربيع بن أنس عن أبي بن كعب الخ

<<  <  ج: ص:  >  >>