صلى الله عليه وسلم في سفر فأصاب الناس شدة فقال عبد الله بن أبي لأصحابه لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله (١) الحديث بنحو ما تقدم (٢) وزاد فيه ودعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلوّوا (٣) رؤوسهم، وقوله تعالى (كأنهم خشب (٤) مسندة) قال كانوا رجالًا أجمل شيء (وعنه أيضًا)(٥) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال عبد الله بن أبي لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل: قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته: قال فحلف عبد الله بن أبي أنه لم يكن شيء من ذلك: قال فلامني قومي وقالوا ما أردت إلى هذا؟ قال فانطلقت فنمت كئيبًا أو حزينًا، قال فأرسل إلي نبي الله صلى الله عليه وسلم أو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله عز وجل قد أنزل عذرك وصدقك، قال فنزلت هذه الآية (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا (٦)(حتى بلغ) لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)
(١) قال النووي يعني قراءة من يقرأ من حوله بكسر ميم من ويجر حوله، واحترز به عن القراءة الشاذة من حوله بالفتح (٢) يعني قول عبد الله بن أبي أئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال (يعني زيدًا) فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا كذبَ زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوقع في نفسي مما قالوا حتى أنزل الله عز وجل تصديقي في إذا جاءك المنافقون، قال ودعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (٣) أي عطفوا رءوسهم وأعرضوا بوجوههم رغبة عن الاستغفار، قرا نافع ويعقوب لووا بالتخفيف، وقرأ الآخرون بالتشديد لأنهم فعلوها مرة بعد مرة (٤) أي أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام: قرأ أبو عمرو والكسائي خشب بسكون الشين المعجمة وقرأ الباقون بضمها (مُسنَّدة) ممالة إلى جدار من قولهم أسندت الشيء إذا أملته والتثقيل للتكثير شبهوا في استنادهم وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخبر بالخشب المسندة إلى الحائط، لأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرها من مظان الانتفاع، وما دام متروكًا غير منتفع به أسند إلى الحائط فتشبهوا به في عدم الانتفاع (قال الأبي في شرح مسلم) آية وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم نزلت توبيخًا لهم لأنهم كانوا رجالًا أجمل شيء وأفصحه: منظرهم بروق وقولهم مخلف، ولكن لم يغن ذلك عنهم بل كانوا كالخشب المسندة في أنها إجرام لا أفهام لهم نافعة ولا عقول لهم (تخريجه) أخرجه الطريق الأول منه (خ مذ) وأخرج الطريق الثانية مسلم والبخاري أيضًا بألفاظ مختلفة (٥) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن محمد بن كعب القرظي عن زيد بن أرقم قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الخ (٦) (التفسير) هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا) أي يتفرقوا (ولله خزائن السموات والأرض) أي وله الأرزاق والقسم فهو رازقهم منها وإن أبى أهل المدينة أن ينفقوا عليهم: فأعلمهم الله سبحانه أن خزائن السموات والأرض له ينفق كيف يشاء، وقال الجنيد خزائن السموات الغيوب: وخزائن الأرض القلوب: فهو علام الغيوب ومقلب القلوب (ولكن المنافقين لا يفقهون) ولكن عبد الله بن أبي وأضرابه جاهلون لا يفقهون ذلك فيهذون بما يزين لهم الشيطان (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة) من غزوة بني المصطلق أو غزوة تبوك على الخلاف المتقدم (ليخرجن الأعز منها الأذل) توهموا أن العزة بكثرة الأموال والأتباع،