للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[كلام العلماء في تحقيق ما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه]-

.....


عند زينب بنت جحش ولن أعود له، لكن روى مسلم في حديث آخر أن شرب العسل كان عند حفصة (قال القاضي عياض) ذكر مسلم في حديث حجاج عن ابن جريح (يعني حديث الباب) أن النبي شرب عندها العسل زينب وأن المتظاهرتين عليه عائشة وحفصة، وكذلك ثبت في حديث عمر بن الخطاب (سيأتي) وابن عباس أن المتظاهرتين عائشة وحفصة، وذكر مسلم أيضًا من رواية أبي أسامة عن هشام أن حفصة هي التي شرب العسل عندها وأن عائشة وسودة وصفية من اللواتي تظاهرن عليه؛ قال والأول أصح (يعني حديث الباب) قال النسائي إسناد حديث حجاج صحيح جيد غاية، وقال الأصيل حديث حجاج أصح وهو أولى بظاهر كتاب تعالى وأكمل فائدة يريد قوله تعالى (وإن تظاهرا عليه) فهما ثنتان لا ثلاث وأنهما عائشة وحفصة كما قال فيه وكما اعترف به عمر رضي الله عنه وقد انقلبت الأسماء على الراوي في الرواية الأخرى كما أن الصحيح في سبب نزول الآية أنها في قصة العسل لا في قصة مارية المروى في غير الصحيحين، ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح (قال النسائي) إسناد حديث عائشة في العسل جيد صحيح غاية، ثم القاضي بعد هذا الصواب أن شرب العسل كان عند زينب اهـ (قلت) حديث تحريم مارية المشار إليه سيأتي في خلال التفسير وقد علمت الكلام فيه (التفسير) قوله عز وجل (يا أيها النبي لا تحرم ما أحل الله لك) ذكر العلماء في سبب نزول صدر هذه السورة قولان (أحدهما) أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب عسلًا في بيت زينب بنت جحش فتواطأت عائشة وحفصة وقالتا له أنا نشم منك ريح المغافير وكانت رائحته كريهة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يوجد منه ريح كريهة فحرم العسل على نفسه بقوله لن أعود له كما في حديث الباب وزاد البخاري (وقد حلفت، لا تخبري بذلك أحدًا) (القول الثاني) أن التي حرم مارية القبطية فقد (روي الدارقطني) عن ابن عباس عن عمر قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم ولده مارية في بيت حفصة فوجدته حفصة معها وكانت حفصة غابت إلى بيت أبيها فقالت له تدخلها بيتي، ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك، فقال لها لا تذكري هذا لعائشة فهي على حرام إن قرُبتها، قالت حفصة وكيف تحرم عليك وهي جاريتك؟ فحلف لها أن لا يقرَبها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تذكريه لأحد، فذكرته لعائشة فآلى لا يدخل على نسائه شهرًا، فاعتزلهن تسعًا وعشرين ليلة فأنزل الله عز وجل لم تحرم ما أحل الله لك: الآية ورواه أيضًا ابن جرير في تفسيره، وروى الطبراني نحوه عن ابن عباس وفيه فقال لحفصة لا تخبري عائشة، حتى أبشرك ببشارة: أن أباك بلى الآمر من بعد أبي بكر إذا أنامت: فذهبت حفصة فأخبرت عائشة قال الحافظ ابن كثير إسناده فيه نظر، وقال الإمام القرطبي والصحيح أنه كان في العسل الذي شربه عند زينب وتظاهرت عليه عائشة وحفصة فحلف أن لا يشربه وأسر ذلك ونزلت الآية في الجميع (وقال الخطابي) الأكثر على أن الآية نزلت في تحريم مارية حين حرمها على نفسه: ورجحه الحافظ بأحاديث عند سعيد بن منصور والضياء في المختارة والطبراني في عشرة النساء وابن مردوية والنسائي ولفظه عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطأها فلم تزل به حفصة وعائشة حتى حرمها فأنزل الله (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك) حال من فاعل تحرم أي لم تحرم مبتغيًا به مرضاة أزواجك أو تفسير لتحرم أو مستأنف أو مرضاة اسم مصدر وهو الرضا (والله غفور رحيم) غفور لما أوجب المعاتبة (رحيم) برفع المؤاخذة وقد قيل إن ذلك كان ذنبًا من الصغائر، والصحيح أنه معاتبة على ترك الأولى وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له صغيرة =

<<  <  ج: ص:  >  >>