-[كلام العلماء في الجمع بين قوله تعالى خمسين ألف سنة وبين قوله في آية أخرى ألف سنة]-
يصليها في الدنيا (باب يوم تكون السماء كالمهل)(عن ابن عباس)(١) قال آخر شدة يلقاها المؤمن (٢) الموت وفي قوله (يوم تكون السماء كالمهل)(٣) كدُرديِّ وفي قوله (آناء الليل) قال جوف الليل (٤)، وقال هل تدرون ما ذهاب العلم قال هو ذهاب العلماء (٥) من الأرض
قال وهب والكلبي ومحمد بن إسحاق أي عروج الملائكة إلى المكان الذي هو محلهم في وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة، وقال وهب أيضًا ما بين أسفل الارض إلى العرض مسيرة خمسين ألف سنة وهو قول مجاهد، وجمع بين هذه الآية وبين قوله (في يوم كان مقداره ألف سنة) في سورة السجدة فقال: في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) من منتهى أمره من أسفل الأرض إلى منتهى أمره من فوق السموات خمسون ألف سنة وقوله تعالى في (ألم تنزيل) يوم كان مقداره ألف سنة يعني بذلك نزول الأمر من سماء الدنيا إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد فذلك مقداره ألف سنة لأن ما بين السماء إلى الأرض مسافة خمسمائة عام، وعن مجاهد أيضًا والحكم وعكرمة هو مدة عمر الدنيا من أول ما خلقت إلى آخر ما بقي خمسون ألف سنة لا يدري أحد كم مضى ولا كم بقي إلا الله عز وجل، وقال ابن عباس هو يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ثم يدخلون النار للاستقرار (قال الإمام القرطبي) وهذا أحسن ما قيل في هذه الآية إن شاء الله بدليل ما رواه قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري فذكر حديث الباب قال واستدل النحاس على صحة هذا القول بما رواه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من رجل لم يؤد زكاة ماله إلا جعل شجاعًا من نار تكوى به جبهته وظهره وجنباه في ويم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين الناس) قال فهذا يدل على أنه يوم القيامة اهـ (وعن ابن عباس) أيضًا أنه سئل عن هذه الآية وعن قوله تعالى في يوم (كان مقداره ألف سنة) فقال أيام سماها الله عز وجل وهو أعلم بها كيف تكون وأكره أن أقول فيها ما لا أعلم (وقيل) معنى ذكر خمسين ألف سنة تمثيل وهو تعريف طول مدة القيامة في الموقف وما يلقى الناس فيه من الشدائد والله أعلم (هذا والقائل ما أطول هذا اليوم) هو أبو سعيد الخدري راوي الحديث كما يستفاد من رواية أخرى (تخريجه) رواه ابن جرير أيضًا وفي إسناده دراج السهمي وثقه ابن معين وضعفه الدارقطني، قال أبو داود حديثه مستقيم إلا عن أبي الهيثم فالحديث ضعيف على قول أبي داود لأن درّاجًا رواه عن أبي الهيثم والله أعلم (باب) (١) (سنده) حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبه) (٢) يعني من شدائد الدنيا (٣) أي وقال ابن عباس في تفسيره قوله تعالى (يوم تكون السماء كالمهل) قال كدردى الزيت يعني عكارته التي ترسب في أسفله وبه قال عطاء وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وغير واحد، وقال ابن مسعود ما أذيب من الرصاص ألوانًا لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، قيل وأول ما تتغير الجبال تصير رملًا مهيلا ثم عهنًا منقوشًا ثم تصير هباء منثورًا (ولا يسأل حميم حميما) قرأ البزي عن ابن كثير لا يسئل بضم الياء أي لا يسئل حميم عن حمي أي لا يطالب به ولا يؤخذ بذنبه، وقرأ الآخرون بفتح الياء أي لا يسئل قريب عن قريب لاشتغاله بنفسه "لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه" نسأل الله السلامة في هذا اليوم (٤) أي ثلثه الآخر، وهو الجزء الخامس من أسداد الليل (٥) يعني موتهم