-[قوله تعالى (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) الخ وتفسيرها وقصة النبي صلى الله عليه وسلم معهم]-
(سورة الجن)(باب قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن الخ)(عن ابن عباس)(١) قال ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم (٢)، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب (٣) قال فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا مالكم؟ قالوا حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب، قال فقالوا ما حال بينكم وبين خبر السماء إلى شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، قال فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها يبتغون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء؟ قال فانصرف النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدًا إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر حين رجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا (إنا سمعنا قرآنًا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به) الآية فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم (قل أوحي إلي (٤) أنه) وإنما أوحي إليه قول الجن
(تخريجه) أورده الهثيمي وقال رواه أحمد وفيه قابوس بن أبي ظبيان وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) صحح الترمذي والحاكم حديثه اعلم (باب) (١) (سنده) حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة حدثنا أبو بشير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (٢) قال الحافظ البيهقي وهذا الذي ذكره عباس (يعني عدم رؤيتهم وعدم قراءته لهم) إنما هو أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمت حاله، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم، ثم بعد ذلك أتاه داعي الجن فقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى الله عز وجل كما رواه عبد الله بن مسعود اهـ (قلت) حديث عبد الله بن مسعود سيأتي مطولًا في باب إسلام طائفة من الجن من كتاب خلق العالم، وتقدم مختصرًا من رواية ابن أبي شيبة في شرح باب (وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن) من سورة الأحقاف (٣) أي كما قال تعالى في سورة الصافات (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظًا من كل شيطان مارد، لا يسمَّعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب (دحورًا ولهم عذاب واصب إلا من خطب الخطبة فأتبعه شهاب ثاقب) (٤) (التفسير) قوله عز وجل (قل أوحي إليَّ) أي قل يا محمد لأمتك أوحى الله إلي على لسان جبريل (أنه استمع) إليّ (نفر من الجن) جماعة من الثلاثة إلى العشرة من جن نصيبين وهي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عالمًا بذلك قيل إن أوحي إليه كما يستفاد من حديث الباب (فقالوا) لقومهم حين رجعوا إليهم من استماع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر (إنا سمعنا قرآنًا عجبا) اي عجيبًا في فصاحة كلامه بديعًا مباينًا لسائر الكتب في حسن نظمه وصحة معانيه، وقيل عجيبًا في عظم بركته (يهدي إلى الرشد) أي إلى مراشد الأمور، وقيل إلى مع رفة الله تعالى والتوحيد والإيمان (فآمنا به) أي بالقرآن فاهتدينا به وصدقنا أنه من عند الله، ولما كان الإيمان به إيمانًا بالله وبوحدانيته وبراءة من الشرك قالوا (ولن نشرك بربنا أحدًا) أي لا نرجع إلى إبليس ولا نطيعه لأنه الذي كان بعثهم ليأتوه بالخبر حينما رمي الجن بالشهب، وقيل لا نتخذ مع الله إلهًا آخر لأنه المنفرد بالربوبية، وفي هذا تعجيب المؤمنين