-[قوله تعالى (يا أيها المدثر قم فأنذر) الآيات وتفسيرها]-
(باب وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا)(وعنه أيضًا)(١) قال في قول الجن (وأنه لما قام عبد الله يدعوه (٢) كادوا يكونون عليه لبدا) قال لما رأوه يصلي بأصحابه ويصلون بصلاته ويركعون بركوعه ويسجدون بسجوده تعجبوا من طواعية أصاحبه له، فلما رجعوا إلى قومهم قالوا (إنه لما قام عبد الله) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا (سورة المدثر)(باب يا ايها المدثر قم فأنذر - إلى قوله والرجز فاهجر)(عن أبي سلمة بن عبد الرحمن)(٣) قال أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثم فتر الوحي عني فترة فبينا انا أمشى سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بجراء الآن قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه فرقًا حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني زملوني فأنزل الله عز وجل (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) قال أبو سلمة الرجز الأوثان ثم حمى الوحي وتتابع
بذهاب مشركي قريش عما أدركته الجن بتدبرها القرآن (تخريجه) (ق نس مذ) وعزاه الحافظ السيوطي في الدر المنثور لعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم والطبراني وابن مردويه وأبي نعيم في الدلائل (باب) (١) (سنده) حدثنا مؤمل قال أبو عوانة حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (٢) (التفسري) (وأنه) قرأ نافع وأبو بكر بكسر الهمزة وقرأ الباقون بفتحها (لما قام عبد الله) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (يدعوه) يعني يعبده ويقرأ القرآن وذلك حين كان يصلي ببطن نخلة ويقرأ القرآن (كادوا) يعني الجن (يكونون عليه لبدا) أي يركب بعضهم بعضًا ويزدحمون حرصًا على استماع القرآن، هذا قول الضحاك ورواية عطية بن عباس، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس هذا من قول النفر الذين رجعوا إلى قومهم من الجن أخبروهم بما رأوا من طاعة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واقتدائهم به في الصلاة، وهو المذكور في حديث الباب، وقال الحسن وقتادة وابن زيد يعني لما قام عبد الله بالدعوة تلبدت الإنس والجن وتظاهروا عليه ليبطلوا الحق الذي جاءهم به ويطفئوا نور الله فأبى الله إلا أن يتم نوره ويتم هذا الأمر وينصره على من ناوأه، وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وهو اختيار ابن جرير واستظهره الحافظ بن كثير في تفسيره، وقرأ هشام عن ابن عامر لبدا بضم اللام أي جماعات وهو من تلبد الشيء على الشيء أن تجمع ومنه اللبد الذي يفرش لتراكم صوفه وكل شيء الصقته إلصاقا شديدًا فقد لبدته وجمع اللبدة لبد مثل قربه وقرب (تخريجه) (مذك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (باب) (٣) (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه وهو الطريق الثانية من حديث رقم ١١٣ صحيفة ٤٨ من هذا الجزء في باب أول ما نزل من القرآن وإنما ذكرته هنا لتفسير ما جاء فيه من كتاب الله عز وجل (التفسير) قال الله عز وجل (يا أيها المدثر) أي المتلفف بثيابه من الدثار وهو كل ما كان من الثياب فوق الشعار، والشعار الثوب الذي يلي الجسد وأصله المتدثر فادغم (قم) من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم (فأنذر) فحذر قومك من عذاب اليه إن لم يؤمنوا أو فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد وقيل سمع من قريش من كرهه فاغتم فتغطى بثوبه يفكر كما يفعل المغموم، فقيل له يا أيها الصارف أذى