للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[(سورة الزلزلة) وما جاء في فضلها]-

قال نعم (سورة الزلزلة) (باب ما جاء في فضلها) (عن أنس بن مالك) (١) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أيها الكافرون ربع القرآن (٢) وإذا زلزلت الأرض ربع القرآن (٣) وإذا جاء نصر الله ربع القرآن (٤)


الحجة الواضحة والمراد محمد صلى الله عليه وسلم يقول لم يتركوا كفرهم حتى يبعث محمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث أسلم بعض وثبت على الكفر بعض، ثم فسر البينة فقال (رسول من الله) أي محمد صلى الله عليه وسلم وهو بدل من البينة (يتلو) يقرأ عليهم (صحفًا) كتبًا يريد ما تضمنته الصحف من المكتوب فيها وهو القرآن لأنه كان يتلوا عن ظهر قلبه لا عن كتاب (مطهرة) من الباطل والكذب والزور (فيها) أي في الصحف (كتب) مكتوبات يعني الآيات والأحكام المكتوبة فيها (قيمة) أي عادلة مستقيمة غير ذات عوج ناطقة بالحق والعدل: ثم ذكر من لم يؤمن من أهلي الكتاب فقال (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) في أمر محمد صلى الله عليه وسلم (إلا من بعد ما جاءتهم البينة) فمنهم من أنكر نبوته بغيًا وحسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق، ومنهم من آمن به: وإنما أفرد أهل الكتاب بعد ما جمع أولًا بينهم وبين المشركين لأنهم كانوا على علم به لوجوده في كتبهم، فإذا وصفوا بالتفرق عنه كان من لا كتاب به أدخل في هذا الوصف (وما أمروا) يعني في التوراة والإنجيل (إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) من غير شرك ونفاق (حنفاء) مؤمنين بجميع الرسل مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام (ويقيموا الصلاة) أي المكتوبة في أوقاتها (يؤتوا الزكاة) عند محلها (وذلك) الذي أمرنا به (دين القيمة) أي دين الملة الشريفة المستقيمة (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) قرأ نافع وابن عامر البريئة بالهمز في الحرفين لأنه من قولهم برأ الله الخلق، وقرأ الآخرون مشددًا بغير همز كالذرية ترك همزها في الاستعمال، والمعنى هم سر الخليقة التي برأها وذرأها، ثم أخبر تعالى عن حال الأبرار بقوله (إن الذين آمنوا) بقلوبهم (وعملوا الصالحات) بأبدانهم (أولئك هم خير البرية) وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البشر على الملائكة لأن البرية الخلق واشتقاقها من برأ الله الخلق، وقيل اشتقاقها من البرا وهو الغراب ولو كان كذلك لما قرئ والبريئة بالهمزة كذا قال الزجاج (جزاؤهم عند ربهم) يوم القيامة (جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا) أي بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ (رضى الله عنهم) ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم المقيم (ورضوا عنه) بما منحهم من الفضل العميم: وقوله تعالى (ذلك لمن خشي ربه) أي هذا الجزاء حاصل لمن خشي ربه وأتقاه حق تقواه وعبده كأنه يراه وعلم أنه إن لم يره فإنه يراه نسأله تعالى أن يحشرنا في زمرتهم إنه واسع المغفرة جل شأنه (باب) (١) (سنده) حدثنا عبد الله بن الوليد حدثنا سفيان قال حدثني سلمة بن ودان قال سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (٢) أي مثل ربع القرآن لأن القرآن كله يشتمل على أحكام الشهادتين في التوحيد والنبوة وأحوال النشأتين الدنيا والآخرة وذلك أربعة أقسام، وهذه السورة مقصورة على التوحيد لتضمنها البراءة من الشرك والتدين بدين الحق، وهذا هو التوحيد الصرف (٣) أي لاقتصارها على النشأة الأخرى وهي ذكر المعاد مستقلة ببيان أحواله وهو أحد الأقسام الأربعة المتقمة (٤) أي لأنها تضمنت المقصود من إرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو دخول الناس في دين الله أفواجا وهو أحد الأقسام الأربعة المتقدمة (تخريجه) (مذ نس) وفي إسناده

<<  <  ج: ص:  >  >>