-[سورة النصر وسبب نزولها ومنقبة لابن عباس رضي الله عنهما]-
(قل يا أيها الكافرون) ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك (سورة النصر)(باب أنها نزلت لنعي النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نفسه (عن ابن عباس)(١) قال لما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيت (٢) إلى نفسي بأنه مقبوض في تلك السنة (وعنه أيضًا)(٣) قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأذن لأهل بدر ويأذن لي معهم (٤) فقال بعضهم يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله (٥) فقال عمر أنه لمن (٦) قد علمتم قال فأذنت لهم ذات يوم وأذن لي معهم (٧) فسألهم عن هذه السورة (إذا جاء نصر الله والفتح) فقالوا أمر نبيه صلى الله عليه وسلم إذا فتح عليه أن يستغفره ويتوب إليه، فقال لي ما تقول يا ابن عباس؟ قال قلت ليست كذلك ولكنه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بحضور أجله (٨) فقال (إذا جاء نصر الله والفتح) فتح مكة (ورأيت الناس يدخلون في دين اله أفواجا) فذلك علامة موتك (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) فقال لهم كيف تلوموني على ما ترون (٩)
قال الحافظ في الإصابة أخرجه أصحاب السين وأحمد وابن حيان والحاكم من طريق أبي إسحاق السبيعي عن قروة بن نوفل عن أبيع مرفوعًا في فضل (قل يا أيها الكافرون) وزعم أن عبد البر بأنه حديث مضطرب وليس كما قال، بل الرواية التي فيها عن أبيه أرجح وهي الموصولة ورواته ثقات فلا يضره مخالفة من أرسله، وشرط الاضطراب أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأما إذا تفاوتت فالحكم للراجح بلا خلاف اهـ. (قلت) هذا الحديث صححه أيضًا الحاكم وأقره الذهبي (باب). (١) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل حدثنا عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (٢) بضم النون وكسر المهملة مبنيًا للمفعول من نعي الميت ينعاه نعيا إذا أذاع موته وأخبر به (روى) أنها نزلت في أيام النشريق بمنى وحجة الوداع (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وروى البخاري حدثنا آخر مطولًا بمعناه نقله ابن كثير أيضًا وقال تفرد به البخاري (٣) (سنده) حدثنا هشيم أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (٤) أي في حضور مجلسه (وقوله فقال بعضهم) هو عبد الرحمن بن عوف كما صرح به البخاري في علامات النبوة (٥) يعني في السن فلم لم تدخلهم (٦) بفتح اللام والميم (قد علمتم) أي من جهة قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من جهة علمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالفقه في الدين والتأويل (٧) يعني أشياخ بدر زاد البخاري (فما رؤيت: بضم الراء وكسر الهمزة: إنه دعاني يومئذ إلا ليريهم) يعني إلا ليريهم مني مثل ما رأى هو منى من العالم (وعند ابن سعد) فقال أما إني سأريكم اليوم ما تعرفون به فضيلته (٨) إنما قال ذلك ابن عباس؛ لأنه علمه من النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديثه السابق ولم يعلمه الأشياخ (٩) معناه أني أذنت له معكم لغزارة فقد علم ما لم تعلموا وصوب عمر قول ابن عباس؛ لأنه أي عمر كان سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك جاء في آخر الحديث عند البخاري (فقال عمر: يعني لابن عباس: ما أعلم منها إلا ما تقول) (تخريجه) (خ مذ) والبغوى، وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه للبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وسعيد بن منصور والبيهقي، وقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما بعضها وإليك تفسير السورة جميعها (التفسير) قوله عز وجل (إذا جاء) قال القرطبي إذا