للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[ما جاء في فضل سورة الفلق وتفسير سورة الناس]-

(عن جبير بن نفير) (١) عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت إليه بغلة شهباء فركبها فأخذ عقبة يقودها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة أقرأ، فقال وما أقرأ يا رسول الله؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ (قل أعوذ برب الفلق) فأعادها عليه حتى قرأها فعرف أني لم أفرح بها جدًا (٢) فقال لعلك تهاونت بها؟ فما قمت تصلي بشيء مثلها (٣) (عن يزيد بن جبيب) (٤) قال حدثني أبو عمران أنه سمع عقبة بن عامر يقول تعلقت بقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اقرئني سورة هود وسورة يونس فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عقبة ابن عامر أنك لم تقرأ سورة أحب إلى الله عز وجل ولا أبلغ عنده من (قل أعوذ برب الفلق) قال يزيد لم يكن أبو عمران يدعها وكان لا يزال يقرؤها في صلاة المغرب


ستة أشهر واشتد عليه ثلاث ليال فنزلت المعوذتان (التفسير) قال تعالى (قل أعوذ برب الفلق) أراد بالفلق الصبح، وهو قول جابر بن عبد الله والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وأكثر المفسرين، وهي رواية العوفي عن ابن عباس بدليل قوله فالق: الإصباح: وروى عن ابن عباس أنه سجن في جهنم، وقال الكلي واد في جهنم، وقال الضحاك يعني الخلق، وهي رواية الوالي عن ابن عباس، والأول هو الصحيح المعروف وهو اختيار البخاري في صحيحه (من شر ما خلق) أي من شر جميع المخلوقات، وقال ثابت البناني والحسن البصري جهنم وإبليس وذريته مما خلق (ومن شر غاسق إذا وقب) تقدم الكلام على هذه الآية (ومن شر النفاثات) السواحر تنفث (في العقد) التي تعقدها في الخيط تنفخ فيها بشيء تقوله من غير ربق معه، قال أبو عبيدة من بنات لبيد بن الأعصم سحرن النبي صلى الله عليه وسلم (ومن شر حاسد إذا حسد) الجسد تمني زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها، والمنافسة عي تمني مثلها وإن لم تزل فالحسد شر مذموم، والمنافسة مباحة وهي الغبطة، والحسد أول ذنب عصى اله به في السماء، وأول ذنب عصى به في الأرض، فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل، والحاسد مبغوض مطرود، ملعون نعوذ بالله منه (١) (سنده) حدثنا حيوة بن شريح قال حدثنا بقية حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير ابن نفير عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (٢) أي؛ لأنه كان يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أطول منها كهود ويوسف كما سيأتي في الحديث التالي (٣) فيه استحباب القراءة في الصلاة بسورة الفلق ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بقل هو الله أحد والمعوذتين، وتقدم الحديث في ذلك في باب ما يقرؤ به في الوتر من كتاب الصلاة في الجزء الرابع صحيفة ٣٠٦ رقم ١٠٩٤ (تخريجه) (نس) وسنده جيد (٤) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب القراءة في المغرب من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة ٢٢٨ رقم ٥٨٠.
(تفسير سورة الناس) قوله تعالى (قل أعوذ برب الناس) أي مالكهم ومصلح أمورهم، وإنما ذكر أنه رب الناس وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين (أحدهما)؛ لأن الناس معظمون فأعلم بذكرهم أنه ربا لهم وأن عظموا (الثاني)؛ لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيذ منهم وإنما قال (ملك الناس إله الناس)؛ لأن في الناس ملوكًا فذكر أنه ملكهم، وفي الناس من يعبد غيره فذكر أنه إلهم ومعبودهم وإنه الذي يجب أن يستعاذ به ويلجًا إليه دون الملوك والعظماء (من شر الوسواس) هو اسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة، وأما المصدر فوسواس بالكسر كالزلزال، والمراد به الشيطان سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه؛ لأنها شغله الذي هو عاكف

<<  <  ج: ص:  >  >>