قال ولا إياي إلا أن يتغمدني (١) الله برحمته (عن عبدالله بن عمرو)(٢) قال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجال ينصبون (٣) في العبادة من أصحابه نصبا شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك ضراوة (٤) الإسلام وشرته (٥) ولكل ضراوة شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى الكتاب والسنة (٦) فلأم (٧) ماهو ومن كانت فترته إلى معاصي الله (٨) فذلك هو الهالك (عن ابي هريرة)(٩) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلفوا (١٠) من العمل ما تطيقون فإن خير العمل أدومه وإن قل (١١)
غير مؤثر فيهما على سبيل الإيجاب والاقتضاء بل غايته أنه يعد العامل لأن يتفضل عليه ويقرب إليه الرحمة كما قال تعالى أن رحمة الله قريب من المحسنين وليس المراد توهين العمل ونفيه بل توقيف العباد على أن العمل إنما يتم بفضل الله وبرحمته لئلا يتكلوا على أعمالهم اغترارا بها اهـ. (قلت) لا تعارض بين هذا وقوله تعالى (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) (١) أي يشملني بفضله ورحمته مأخوذ من غمد السيف يقال غمدته إذا ألبسته غمده وغشيته به (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث جابر لغير الإمام أحمد وسنده صحيح وروى نحوه الشيخان من حديث أبي هريرة ولفظ البخاري (لن يدخل أحدا عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضله ورحمته فسددوا وقاربوا الحديث (وعن عائشة رضي الله عنها) عند البخاري والإمام أحمد مثله وسيأتي في هذا الباب (٢) (سنده) حدثنا يعقوب ابي عن ابن اسحاق حدثني أبو الزبير المكي عن أبي العباس ولي بني الديل عن عبدالله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ وله طريق أخرى عند الامام أحمد قال حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن اسحاق عن ابي الزبير عن ابي العباس مولى بني الديل عن عبدالله بن عمرو فذكر الحديث بنحو حديث الباب (غريبه) (٣) بفتح الصاد المهملة من باب تعب أي يتعبون في العبادة الخ (٤) بفتح الضاد المعجمية وتخفيف الراء من قولهم ضرى بالشيء ضرى وضراوة إذا اعتاده ولزمه وأولع به كما يضرى السبع بالصيد وهو من باب تعب (٥) تقدم ضبط الشرة ومعناها في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب وهو النشاط والرغبة (والفترة) اللين بعد الشدة (٦) أي إلى العمل بكتاب الله كقوله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (والسنة) كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآتي (اكلفوا من العمل ما تطيقون) (٧) بكسر اللام وفتح الهمزة وتشديد الميم المكسورة منونة (قال في النهاية) أي قصد الطريق المستقيم يقال أمه يؤمه أما واسممه وتيممه (٨) أي كان انصرف من الاجتهاد في طاعة الله إلى الاجتهاد في معصية الله فذلك هو الهالك نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) الحديث سنده صحيح وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير واحمد بنحوه ورجال احمد ثقات وقد قال ابن اسحق حدثني أبو الزبير فذهب التدليس أهـ ومعنى ذلك أن ابن اسحاق روى هذا الحديث مرتين فقال في احداهما حدثني ابو الزبير وهي الرواية الصحيحة التي اثبتناها في المتن وقال في الثانية عن أبي الزبير لم يصرح بالتحديث في هذه المرة وهي التي أثبتنا سندها في الشرح وابن اسحاق ثقة مدلس فإذا عنعن لا يحتج بحديثه وإذا صرح بالتحديث فحديثه يحتج به والله أعلم (٩) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيمة حدثنا عبد الرحمن الأعرج قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (١٠) (غريبه) بفتح اللام من كلف بكسرها أي تحملوا من العمل ما تطيقون المداومة عليه من غير عجز في المستقبل (١١) معناه أن المداومة على عمل من أعمال البر ولو