أفأخبر الناس (١) قال ذر الناس يا معاذ في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة سنة الفردوس (٢) أعلى الجنة وأوسطها ومنها تفجر أنهار الجنة (٣) فإذا سألتم الله فاسألوه الالفردوس (عن أبي ذر)(٤) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست فقال يا أبا ذر هل صليت؟ قلت لا قال قم فصل فقمت فصليت ثم جلست فقال يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الأنس والجن قلت يا رسول الله وللانس شياطين؟ قال نعم (٥) قلت يا رسول الله الصلاة قال خير موضوع (٦) من شاء أقل ومن شاء أكثر قال قلت يا رسول الله الصوم قال فرض مجزئ وعند الله مزيد (٧) قلت يا رسول الله فالصدقة قال أضعاف مضاعفة (٨) قلت يا رسول الله فأيها أفضل؟ قال جهد من مقل (٩) أو سر إلى فقير قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أولا؟ قال آدم قلت ونبيا كان؟ قال نعم نبي مكلم (١٠) قال قلت يا رسول الله كم المرسلون؟ قال ثلاثمائة وبضعة عشر وقال مرة وخمسة عشرة جما غفيرا (١١) قال قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم؟ قال آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم
قائل لا أدري هو عطاء بن يسار وفاعل ذكر هو معاذ بن جبل (١) معناه أفأبشر الناس بذلك حتى يفرحوا بهذه البشارة؟ فقال صلى الله عليه وسلم (ذر الناس) أي اتركهم بلا بشارة يعملون ويجتهدون في زيادة العبادة ولا يتكلوا على هذا الإجمال فإن في الجنة مائة درجة الخ (٢) قال الحافظ الفردوس هو البستان الذي يجمع كل شيء وفي القاموس الفردوس الأودية التي تنبت ضروبا من النبت والبستان يجمع كل ما يكون في البساتين يكون فيه الكروم وقد يؤنث عربية أو رومية أو سريانية اهـ (٣) يعني التي ذكرها الله عز وجل بقوله (فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى) (تخريجه) (مذ جه) وفيه انقطاع لأن عطاءا لم يدرك معاذا لكن رواه البخاري عن طريق هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة (٤) (سنده) حدثنا وكيع ثنا المسعودي أنبأني أبو عمر الدمشقي عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر الخ (غريبه) (٥) قال تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن) (٦) أي خير موضوع فرض على المكلف بعد الإسلام (من شاء أقل) أي اقتصر على الفرائض (ومن شاء أكثر) يعني من النوافل وكل بثوابه (٧) أي غذا اداه كفاه المطالبة به وكفاه عذاب النار مع مزيد الثواب عليه من الله عز وجل بدون حصر مصداق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (يقول الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به) إنما يترك طعامه وشرابه من أجلي فصيامه لي وأنا اجزي به كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به رواه (ق حم والأربعة) عن أبي هريرة وتقدم في الباب الأول من كتاب الصيام في الجزء التاسع صحيفة ٢١١ (٨) أي يضاعف الله له ثوابها قال تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) (٩) معناه أفضل الصدقات صدقة الفقير بما في وسعه وطاقته وهذا محمول على فقير رزق القناعة والرضا فصدقته ولو قليلة أكثر ثوابا من صدقة الغنى كثير المال ولو كثيرة (وقوله أو سر إلى فقير) معناه أن يتصدق على فقير محتاج سرا بدون أن يشعر بذلك أحد خشية الرياء قاصدا بذلك وجه الله تعالى (١٠) أي نبي يوحي إليه وفيه دلالة على ثبوت نبوة آدم عليه السلام وقد ظهر في عصرنا من ينكر نبوة آدم فهذا يرد عليه (١١) يقال جاء القوم جما غفيرا أو الجماء الغفير وجماء غفير