عتبة بن غزوان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان الدنيا قد آذنت (١) بصرهم وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة (٢) كصبابة الاناء يتصابها صاحبها وانكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم (٣) فإنه قد ذكر لنا ان الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوى فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا (٤) والله لتملؤنه (٥) فعجبتم والله لقد ذكر لنا ان ما بين مصارع (٦) الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم كظيظ (٧) الزحام ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مالنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت (٨) أشداقنا واني التقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد (٩) فائتزر بنصفها وائتزت بنصفها فما اصبح منا أحد اليوم إلا أصبح أمير مصر من الامصار (١٠) واني أعوذ بالله أن اكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا (١١) وانها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت (١٢) حتى يكون عاقبتها ملكا وستبلون أو ستخبرون الأمراء (١٣) بعدنا (وعنه من طريق ثان)(١٤) قال سمعت عتبة بن غزوان يقول (وفي لفظ خطبنا عتبة بن غزوان على المنبر) لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الحبلة (١٥) حتى قرحت
عن خالد بن عمير قال خطب عتبة بن غزوان قال بهز وقال قبل هذه المرة خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحمد الله وأثنى عليه الخ (قلت) جاء هذا الحديث عند مسلم قال شيبان بن فروح حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال عن خالد بن عمير العدوي قال خطبنا عتبة بن غزوان فحمد الله واثنى عليه فذكر الحديث كما هنا والمحفوظ ما رواه بهز في المرة الثانية وهو أن صاحب الخطبة عتبة بن غزوان وهي التي توافق رواية مسلم (غريبه) (١) بهمزة ممدودة وفتح الذال أي اعلمت (بصرم) الصرم بالضم الانقطاع والذهاب (وولت حذاء) بحاء مهملة مفتوحة ثم ذال معجمة مشددة والف ممدودة أي مسرعة الانقطاع (٢) الصبابة بضم الصاد المهملة البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الاناء (وقوله يتصابها) أي يشربها (٣) أي بصالح الأعمال (٤) قعر الشيء أسفله (٥) معناه أن جهنم مع بعد عمقها وعظم اتساعها تملأ من الكفار والعصاة فلا تستبعدوا ذلك ولا تعجبوا منه (٦) جمع مصراع بكسر الميم قال في المصباح المصراع من الباب الشطر وهما مصراعان اهـ (وفي القاموس) المصراعان من الابواب والشعر ما كانت قافيتان في بيت وبابان منصوبان ينضمان جميعا مدخلهما في الوسط منهما اهـ والمراد اتساع الباب من أبواب الجنة مسيرة أربعين عاما (٧) الكضيظ الممتلئ والمعنى أن هذه الأبواب مع كثرتها واتساعها يأتي عليها يوم تزدحم فيه لكثرة الداخلين (٨) بفتح القاف وكسر الراء أي صار فيها قروح وجراح من خشونة الورق الذي نأكله وحرارته (٩) هو ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة (١٠) جاء في رواية لمسلم أنه كان أميرا على البصرة (١١) يستعيذ بالله أن يدخل في نفسه الاغترار بالدنيا وعظمة الامارة فيظلم الناس فيكون (عند الله صغيرا) أي مرتكبا لذنوب يدخل بسببها النار وقد حفظه الله من ذلك (١٢) أي تحولت من حال إلى حال يعني أمر الأمة وتغاير أحوالها (١٣) جاء عند مسلم بلفظ (فستخبرون وتجربون الأمراء بعدنا) يشير إلى ظلم من يأتي من الأمراء بعدهم واغترارهم بالدنيا وزخرفها وقد كان ذلك (١٤) (سنده) حدثنا وكيع ثنا قرة بن خالد عن حميد بن هلال العدوي عن خالد بن عمير رجل منهم قال سمعت عتبة بن غزوان الخ (١٥) جاء في الاصل إلا ورق الخبة بخاء معجمة بعدها موحدة