وأنها كما عن اثنتين، أنها كما عن الشرك والكبر، وآمركما بلا آله الا الله فان السموات والأرض وما فيهما لو وضعت فى كفة الخيرات ووضعت لا اله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح، ولو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا إله إلا الله عليهما لقصمتهما أو لقصمتهما وآمركما بسبحان الله
فنوح عليه السلام إنما بعثه الله تعالى لما عبدت الاصنام والطواغيث وشرع الناس فى الضلالة والكفر فبعثه الله رحمة للعباد فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض كما يقول له أهل الموقف يوم القيامة (قلت) تقدم الكلام على قولهم وشرح ذلك فى الباب السابق (قال) وكان قومه يقال لهم بنور راسب فيما ذكره ابن جبير وغيره (قال) واختلفوا فى مقدار سنه يوم بعث فقيل كان ابن خمسين سنه، وقيل ابن ثلاثمائة وخمسين سنة وقيل ابن أربعمائة وثمانين سنة حكاها ابن جرير وعزا الثالثة منها الى ابن عباس أهو قد ذكر الحافظ ابن كشير رحمه الله فى تاريخه كل ما جاء فى كتاب الله عز وجل فى ذكر نوح وقصته مع قومه وأطال فى ذلك ثم قال (ومضمون ما جرى له مع قومه) مأخوذ من الكتاب والسنة والآثار فقد قدمنا عن ابن عباس انه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام رواه البخارى (وذكرنا) أن المراد بالقرن الجيل أو المدة على ما سلف، ثم بعد تلك القرون الصالحة حدثت أمور أقتضت ان آل الحال بأهل ذلك الزمان الى عبادة الاصنام، وكان سبب ذك ما رواه البخارى من حديث ابن جريج عن عطاه ابن عباس عند تفسير قوله تعالى (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) قال هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكرا أوحى الشيطان إلى قومهم ان انصبوا إلى مجالسهم التى كانوا يجلسون فيها انصابا وسموها باسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى اذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت، قال ابن عباس وصارت هذه الأوثان التى كانت فى قوم نوح فى العرب بعدُ، وهكذا قال عكرمة والضحاك وقتادة ومحمد بن اسحاق (قلت) لم يتعظ العرب الذين عبدوا الاصنام بما جرى لكفار قوم نوح حيث أهلكم الله جميعا بالغرق، وهكذا مصير كل باغ الى الهلاك بأى نوع من أنواع العذاب (قال جماعة من المفسرين) ارتفع الماء على أعلى جبل بالأرض خمسة عشر ذرعا وهو الذى عند أهل الكتاب، وقيل ثمانين ذراعا وعم جميع الأرض طولها والعرض سهلها وحزنها وجبالها وقفارها ورمالها ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ولا صغير ولا كبير، أما نوح ومن كان معه بالسفينة فقد أخبر الله تعالى عنهم بقوله (فنجيناه ومن معه فى الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) (أما مدة عمر نوح عليه السلام) فقد ذكر القرآن انه لبث فى قومه الف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون، ثم الله أعلم كم عاش بعد ذاك، فان كان ما تقدم عن ابن عباس من انه بعث وله أربعمائة وثمانون سنة وأنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ثمانين وسبعمائة والف سنة (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) وأما قبره عليه السلام فروى ابن جرير والأزرقى عن عبد الرحمن بن سابط، وغيره من التابعين مرسلا إن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام، وهذا أقوى وأثبت من الذى يذكره كثير من المتأخرين من انه ببلدة بالبقاع تعرف اليوم بكرك نوح وهناك جامع قد بنى قد بنى بسبب ذلك فيما ذكر والله أعلم