للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.


سلالة العيص بن اسحق، وامرآته قيل أسمها ليا بنت يعقوب وقيل رحمة بنت افرائيم وقيل منشا ابن يوسف بن يعقوب وهذا أشهر (قلت) وقد ذكر الله عز وجل قصته فى كتابه العزيز وختمها بالثناء عليه حيث قال عز من قائل (واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بِنُصْب وعذاب إلى قوله تعالى (أنا وجدناه صابرا نعم العبد أنه أواب) قال الحافظ أبن كثير فى تفسيره يذكر تبارك وتعالى عبده ورسوله أيوب عليه الصلاة والسلام وما كان أبتلاه تعالى به من الضر فى جسده وماله وولده حتى لم يبق فى جسده مغرز ابرة سليما سوى قلبه، ولم يبق له من الدنيا شئ يستعين به على مرضه وما هو فيه غير أن زوجته حفظت وده لإيمانها بالله تعالى ورسوله، فكانت تخدم الناس بالأجرة وتطعمه وتخدمه نحوا من ثمانى عشرة سنة، وقد كان قبل ذلك فى مال جزيل وأولاد وسعة طائلة من الدنيا فسلب جميع ذلك حتى آل به الحال إلى أن ألقى على مزبلة من مزابل البلدة هذه المدة بكمالها، ورفضه القريب والبعيد سوى زوجته رضى الله عنها فأنها كانت لا تتركه صباحا ومساءا الا بسبب خدمة الناس ثم تعود اليه قريبا فلما طال المطال واشتد الحال واتتهى القدرة وتم الأجل المقدر تضرع لرب العالمين وإلاه المرسلين فقال (انى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين) وفى هذه الآية الكريمة: قال تعالى (واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه انى مسنى الشيطان بنصب وعذاب قيل بنصب فى بدنى وعذاب فى مالى وولدى، فعند ذلك استجاب له أرحم الراحمين وأمره أن يقوم من مقامه ويركض الأرض برجله ففعل، فأنبع الله عينا وأمره أن يغتسل منها فأذهبت جميع ما كان فى بدنه من الأذى، ثم أمره فضرب الأرض فى مكان آخر فأنبع له عينا أخرى وأمره ان يشرب منها فأذهبت جميع ما كان فى باطنه من السوء وتكاملت العافية ظاهرا وباطنا ولهذا قال تبارك وتعالى (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) قال وكان قبل شفائه يخرج الى حاجته فاذا قضاها أمسكت أمرأته بيده حتى يبلغ (يعنى مكانه) ومعناه أنها كانت تنتظره حتى يقضى حاجته فلما كان ذات يوم أبطا عليها فالتفتت تنظر، فاقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو على أحسن ما كان، فلما رأته قالت أى بارك الله فيك هل رأيت نبى الله هذا المبتلى فوالله مارايت رجلا أشبه به منك أذ كان صحيحا، قال فانى أنا هو قال وكان له اندران اندر للقمح واندر للشعير (هو المكان الذى يوضع فيه القمح والشعير) فبعث الله تعالى سحابتين فلما كانت إحداهما على اندر القمح افرغت فيه الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى فى اندر الشعير حتى فاض، هذا لفظ ابن جرير رحمه الله قال تعالى (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم). قال الحسن وقتادة احياهم الله تعالى له بأعيانهم وزلدهم مثهم معهم، وقال ابن عباس رد الله عليه ماله وولده عيانا ومثلهم معهم، وقال مجاهد قيل له يا أيوب أن املك لك فى الجنة فان شئت اتيناك بهم، وان شئت تركناهم لك فى الجنة وعوضاك مثلهم، قال لا بل اتركهم فى الجنة وعوض مثلهم فى الدنيا (رحمة منا) اى به على صبره وإنابته وتواضعه (وذكرى لأولى الألباب) أى لذوى العقول ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج والخرج والراحة (وخذ بيدك ضغئا فاضرب به ولا تحنث) وذاك ان ايوب عليه السلام كان قد غضب على زوجنه ووجد عليها فى أمر فعلته قيل باعث ضغيرتها نخبز فأطعمته إياه فلامها على ذلك وحلف إن شفاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة، وقيل لغير ذلك من الأسباب فلما شفاه الله عز وجل وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والاحسان ان تقابل بالضرب فافناه الله عز رجل ان يأخذ ضغثا وهو الشمراخ فيه مائة قضيب فيضربها به ضربة

<<  <  ج: ص:  >  >>