للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.


(إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فقام معها فمشت بين يديه فضربت الريح ثوبها فحكى عجيرتها، فقال لها امش خلفى ودلينى على الطريق فانا أهل بيت لا ننظر فى اعقاب النساء (فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين، قالت إحداهما) وهى التى احضرته (يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين) قال لها أبوها القوة قدرأيتها فما يدريك بأمانته: فذكرت له ما أمرها به من المشى خلفه فقال له أبوها (انى اريد ان انكحك أحدى انتىَّ هاتين على ان تأجرنى) نفسك (ثمانى حجج فان أتممت عشرا فمن عندك) فقال له موسى (ذلك بينى وبينك ايّما الأجلين قضيت فلا عدوان علىّ والله على ما نقول وكيل) فأقام عنده يومه فلما أمسى أحضر شعيب العشاء فامتنع موسى من الأكل، فقال ولم ذلك؟ قال إنّا من أهل بيت لا نأخذ على اليسير من عمل الآخرة الدنيا بأسرها، فقال شعيب ليس لذلك أطعمتك، انما هذه عادتى وعادة آبائى، فأكل وازدادت رغبة شعيب فى موسى فزوجه انته التى احضرته واسمها صفورا وأمرها ان تأتيه بعصا، فأتته بعصا وكانت تلك العصا قد استودعها اياه ملك فى صورة رجل فدفعتها اليه، فلما رآها أبوها أمرها بردها والإتيان بغيرها، فالقتها وارادت ان تأخذ غيرها فلم تقع بيدها سواها وجعل برددها وكل ذلك لا يخرج فى يدها غيرها فأخذها موسى ليرعى بها فندم أبوها حيث أخذها وخرج اليه ليأخذها منه حيث هى وديعة، فلما رآه موسى يريد أخذها منه مانعه فحكما أول رجل يلقاهما فأتهما ملك فى صورة آدمى فقضى بينهما ان يضعها موسى فى الأرض فمن حملها فهى له فألقاها موسى فلم يطنى أبوها حملها وأخذها موسى بيده فتركها له وكانت من عوسج لها شعبتان وفى رأسها محجن، وقيل كانت من آس الجنة حملها آدم معه، وقيل فى أخذها غير ذلك.
(باب رجوع موسى الى مصر مع زوجته)
وأقام موسى عند شعيب يرعى له غنمه عشر سنين وسار باهله فى زمن شتاء وبرد فلما كانت الليلة التى أراد الله عز وجل لموسى كرامته وابتداءه فيها بنبوته وكلامه أخطأ فيها الطريق حتى لا يدرى أين يتوجه وكانت امرأته حاملا فأخذها الطلق فى ليلة شاتية ذات مطر ورعد وبرق فأخرج زنده ليقدح ناراً لأهله ليصطلوا وييتِوا حتى يصبح ويعلم وجه طريقه فأصاد زنده فقدح حى أعيا، فرفعت له نار فلما رآها ظن أنها نار وكانت من نور الله (فقال لأهله امكثوا انى آنست نارا سآتيكم منها بخبر) فان لم أجد خبرا (آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون) فحين قصدها رآها نورا ممتدا من السماء الى شجرة عظيمة من العوسج وقيل من العناب، فتحير موسى وخاف حين رأى نارا عظيمة بغير دخان وهى تلتهب فى شجرة خضراء لا تزداد النار إلا عظما ولا تزداد الشجرة إلا خضرة، فلما دنا منها استأخرت عنه ففزع ورجع (فنودى) منها فلما سمع الصوت استأنس فعاد (فلما أتاها نودى من شاطئ الواد الأيمن فى البقعة المباركة من الشجرة) أن بورك من فى النار ومن حولها (ان يا موسى انى انا الله رب العالمين) (باب أول نبوة موسى عليه السلام ومناجاته ربه بجبل الطور) فلما سمع النداء ورأى تلك الهيبة علم انه ربه تعالى، فخفق قلبه وكل لسانه وضعفت قوته وصار حيا كميت إلا آن الروح تردد فيه، فأرسل الله اليه ملكا يشد قلبه فلما ثاب الى عقله نودى (اخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى) وانما أمر بخلع نعليه لأنهما كانتا من جلد حمار ميت وقيل لينال قدمه الأرض المباركة، ثم قبل له تسكينا لقلبه (وما تلك بيمينك يا موسى؟ قال هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى) يقول أضرب الشجر فيسقط ورقه للغنم (ولى فيها مآرب أخرى) احمل عليها المزود والبقاء، وكانت تضئ لموسى في

<<  <  ج: ص:  >  >>