الليلة المظلمة، وكانت اذا أعوزه الماء دلاها فى البئر ويصير فى رأسها شبه الدلو، وكان اذا اشتهى فاكهة غرسها فى الأرض فنبتت لها أغصان تحمل الفاكهة لوقتها قال له (ألقها يا موسى فألقاها فاذا هى حية تسعى) عظيمة لجثة فى خفة حركة الجان (فلما رآها) موسى (ولىّ مدبرا ولم يعقب) فنودى (يا موسى لا تخف انى لا يخاف لدى المرسلون) (اقبل ولا تخف) (سنعيدها سيرتها الأولى) عصا وانما أمره الله بالقاء العصا حتى اذا القاها عند فرعون لا يخاف منها فلما اقبل (قال خذها ولا تخف) وأدخل يدك فى فميها وكان على موسى جبة صوف فلف يده بكمه وهُوَلها هائب، فنودى التى كمك عن يدك فألقاه وأدخل يده بين لحييها فلما ادخل يده عادت عصا كما كانت لا ينكر منها شيئا، ثم قال له (أدخل يدك فى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء) يعنى برصا فأدخلها وأخرجها بيضاء من غير سوء مثل الثلج لها نور، ثم ردها فعادت كما كانت فقيل له (فذانك برهانان من ربك الى فرعون وملئه انهم كانوا قوما فاسقين) قال (رب انى قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون: وأخى هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معى رداءا يصدقنى) أى يبين لهم عنى ما أكلهم به فانه يفهم عنى ما لا يفهمون (قال سنشد عضدك بأخيك وتجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما بآياتنا انتما ومن اتبعكما الغالبون) (باب دخول موسى مصر واجتماعه بأمه وأخيه هارون واصطحاب هارون معه لتبليغ الرسالة الى فرعون) أقبل موسى الى أهله فسار بهم نحو مصر حتى أتاها فتضيف علىِ أمه وهو لا يعرفهم ولا يعرفونه، فجاء هارون فسألها عنه فاخبرته انه ضيف فدعاه فأكل معه وسأله هارون من أنت قال أنا موسى فاعتنقاه (وقيل) إن الله تعالى ترك موسى سبعة أيام ثم قال اجب ربك فيما كلمك فقال (رب اشرح صدرى) الآيات فامره بالمسير الى فرعون ولم يزل أهله مكانهم لا يدرون ما فعل حتى مر راع من أهل مدين فعرفهم فاحتملهم الى مدين فكانوا عند شعيب حتى بلغهم خبر موسى بعد فلق البحر فساروا اليه، وأما موسى فانه سار الى مصر واوحى الله الى هارون يعلمه بقفول موسى ويأمره بتلقيه فخرج من مصر فالتقى به، قال موسى يا هارون ان الله تعالى قد أرسلنا الى فرعون فانطلق معى اليه، قال سمعا وطاعة، فلما جاء الى بيت هارون وأظهر انهما ينطلقان الى فرعون سمعت ذلك ابنة هارون وصاحت أمهما فقالت انشدكما الله ان لا تذهبا الى فرعون فيقتلكما جميعا فأييا، فانطلقا اليه ليلا فضربا بابه فقال فرعون لبوابه من هذا الذى يضرب بابى هذه الساعة؟ فأشرف عليهما البواب فكلمهما، فقال له موسى انا رسول رب العالمين فاخبر فرعون فادخل اليه، وقيل ان موسى وهارون مكثا سنتين يغدوان الى باب فرعون ويروحان يلتمسان الدخول اليه فلم يجر أحد يخبره بشأنهما حتى أخبره مسخرة كان يضحكه بقوله، فأمر حينئذ فرعون بادخالهما، فلما دخلا قال له موسى انى رسول من رب العالمين، فعرفه فرعون فقال له (ألم تُرَ بِّك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين، وفعلت فعلتك التى فعلت وانت من الكافرين، قال فعلتها اذا وانا من الضالين، ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما) يعنى نبوة (وجعلنى من المرسلين) فقال له فرعون (ان كنت جئت بآية فأتت بها أن كنت من الصادقين فألقى عصاه فاذا هى ثعبان مبين) قد فتح فاء فوضع اللحى الأسفل فى الأرض والأعلى على القصر وتوجه نحو فرعون لياخذه فخافه فرعون ووثب فزعا فأحدث فى ثيابه، ثم بقى بضعا وعشرين يوما يجئ بطنه حتى كاد يهلك، وناشده فرعون بربه تعالى ان يرد الثعبان فأخذه موسى فعاد عصا، ثم أدخل يده فى جيبه وأخرجها بيضاء كالثلج لها نور يتلألأ، ثم ردها فعادت الى ما كانت عليه من لونها، ثم أخرجها