الثانية لها نور ساطع فى السماء تكل منه الأبصار قد أضاءت ما حولها يدخل نورها البيوت ويرى من الكوى ومن وراء الحجب، فلم يستطع فرعون النظر إليها، ثم ردها موسى فى جيبه وأخرجها فاذا هى على لونها، وأوحى الله تعالى إلى موسى وهارون أن (قولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) فقال له موسى هل لك فى أن أعطيك شبابك فلا تهرم، وملكك فلا ينزع، وارد اليك لذة المناكح والمشارب والركوب، فاذا مت دخلت الجنة وتؤمن بى؟ فقال لا حتى يأتى هامان، فلما حضر هامان عرض عليه قول موسى فعجزه وقال له تصير تَعبد بعد ان كنت تُعبد، ثم قال له أنا أرد عليك شبابك، فعمل له الوسمة فخضبه بها فهو أول من خضب بالسواد، فلما رآه موسى ماله ذلك فأوحى الله لايهولنك ما ترى فلن يلبث إلا قليلا، فلما سمع فرعون ذلك خرج الى قومه فقال ان هذا لساحر عليم وأراد قتله، فقال مؤمن آل فرعون واسمه حزقيل (اتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم الآية) (باب اجتماع الملاه من قوم فرعون وارجائهم قتل موسى واستحضار السحرة من جميع البلاد) فقال تعالى (قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدانى حاشرين يأتوك بكل سحار عليم) ففعل وجمع السحرة فكانوا سبعين ساحرا، وقيل اثنين وسبعين وقيل خمسة عشر الفا، وقيل ثلاثين الفا، فوعدهم فرعون واتعدوا يوم عيد كان لفرعون، فصفهم فرعون وجمع الناس وجاء موسى ومعه أخاه هارون وبيده عصاه حتى أتى الجمع وفرعون فى مجلسه مع أشراف قومه، فقال موسى للسحرة حين جاءهم (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب) فقال السحرة بعضهم لبعض ما هذا بقول ساحر: ثم قالوا لتأتينك بسحر لم تر مثله (وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون) فقال له السحرة (يا موسى اما ان تلقى واما ان نكون نحن الملقين) قال بل القوا (قالقوا حبالهم وعصيهم) فاذا هى فى رأى العين حيات أمثال الجبال قد ملأت الوادى يركب بعضها بعضا، فأوجس موسى خوفا فأوحى الله اليه ان (الق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا) فألقى عصاه من يده فصارت ثعبانا عظيما فاستعرضت ما القوا من حبالهم وعصيهم وهى كالحيات فى أعين الناس فجعلت تلقفها وتبتلعها حتى لم تبق منها شيئا، ثم أخذ موسى عصاه فاذا هى فى يده كما كانت، وكان رئيس السحرة أعمى فقال له أصحابه ان عصا موسى صارت ثعبانا عظيما وتلقف حبالنا وعصينا، فقال لهم ولم يبق لها أثر ولا عادت الى حالها الأول؟ فقالوا لا، فقال هذا ليس بسحر فخر ساجدا وتبعه السحرة أجمعون (وقالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون، قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم) وفى آية أخرى (انه لكبيركم الذى علمكم السحر، فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاصلبنكم فى جذوع النخل) فقطعهم وقتلهم وهم يقولون (ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) فكانوا أول النهار كفارا وآخر النهار شهداء (باب قتل مؤمن آل فرعون وماشطة بنت فرعون) وكان حزقيل مؤمن آل فرعون يكتم ايمانه، قيل كان من بنى اسرائيل، وقيل كان من القبط وقيل هو النجار الذى صنع التابوت الذى جعل فيه موسى والقى فى النيل، فلما رأى غلبة موسى السحرة أظهر إيمانه، وقيل أظهر إيمانه قبل ذلك وكان فرعون أراد قتل موسى فقال (أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم) فلما أظهر إيمانه قتل وصلب مع السحرة، وكان له امرأة مؤمنة تكتم إيمانها ايضا وكانت ماشطة ابنة فرعون فبينما هى تمشطها اذ وقع المشط من يدها فقالت باسم الله فقالت ابنة فرعون أبى، قالت لا بل ربى وربك ورب أبيك، فأخبرت أباها بذلك فدعا بها وبولدها وقال لها من ربك؟ قالت ربى وربك الله فامر بتنور من نحاس فأحمى ليعذبها وأولادها، فقالت له لي إليك حاجة