(باب ما ورد فى فضلها وأى الهجرة أفضل)(عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله) أن الطفيل بن عمرو الدوسى أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هل لك فى حصن حصينة ومنعة قال فقال حصن كان لدوس فى الجاهلية فابى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم للذى ذخر الله عز وجل للانصار فلما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر اليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجئووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات فرآه الطفيل بن عمرو فى منامه فرآه فى هيئة حسنة ورآه مغطيا يده فقال له ما صنع بك ربك
(باب) (١) قال الحافظ أصل الهجرة هجرة الوطن وأكثر ما يطلق على من رحل من البادية الى القرية اهـ (قلت) جاء عند البخارى من طريق عطاء بن أبى رباح قال زرت عائشة مع عبيد بن عمير الليثى فسألناها عن الهجرة فقالت لا هجرة اليوم كان المؤمنون يفر أحدهم بدينة الى الله تعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة ان يفتن عليه فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبد ربه حيث شاء ولكن جهاد ونية (قال الحافظ) ووقع عند الأموى فى المغازى فى وجه آخر عن عطاء فقالت إنما كانت الهجرة قبل فتح مكة والنبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة (قلت ويؤيد ذلك ما سيأتى فى الباب التالى قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح) قال الحافظ وحديث عائشة يشير الى بيان مشروعيه الهجرة وأن سببها خوف الفتنة والحكم يدور مع علته فمقتضاه ان من قدر على عبادة الله فى أى موضع اتفق لم تجب عليه الهجرة منه وإلا وجبت، ومن ثم قال الماوردى اذا قدر على أظهار الدين فى بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار أسلام فالإقامة فيها أفضل من الرحلة لما يترجى من دخول غيره فى الإسلام (قال الخطابي) وغيره كانت الهجرة فرضنا فى أول الإسلام على من أسلم لقلة المسلمين بالمدينة وحاجتهم الى الاجتماع فلما فتح الله مكة دخل الناسفى دين الله أفواجًا فسقط فرض الهجرة الى المدينة وبقى فرض الجهاد والنية على من قام به أو نزل به عدو أهـ قال الحافظ وكانت الحكمة أيضًا فى وجوب الهجرة على من أسلم ليسلم من أذى ذويه من الكفار فإنهم كانوا يعذبون من أسلم منهم الى ان يرجع عن دينه وفيهم نزلت (أن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) الآية وهذه الهجر باقية الحكم فى حق من أسلم فى دار الكفر وقدر على الخروج منها وقد روى النسائى من طريق بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده مرفوعًا لا يقبل الله من مشرك عملًا بعد ما أسلم أو يفارق المشركين (ولابى داود) من حديث سمرة مرفوعًا أنا برئمن كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين وهذا محمول على من لم يا من على دينه والله أعلم (٢) (سنده) حدثنا سليمان بن حربثنا حماد بن زيد عن الحجاج الصراف عن أبى الزبير عن جابر الخ (غريبه) (٣) بفتح النون أى فى عز قومه فلا يقدر عليه من يريده، عرض الطفيل ذلك على النبى صلى الله عليه وسلم قبل ان يهاجر الى المدينة وكان يريد ان يحظى بهجرته صلى الله عليه وسلم الى بلاده دوس ولكن أراد الله ان يكون ذلك الحظ والفوز للأنصار وأهل المدينة (٤) هكذا بالأصل بواو الجمع أى أصابهم الجوى وهو المرض وداء الجوف اذا تطاول وذلك اذا لم يوافقهم هواءهم استوخموها والظاهر أنه أصيب بذلك آخرون معه (٥) قال في النهاية