للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[ظلام المدينة يوم وفاته وحزن فاطمة ورثائها النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الأشعار وعظم المصيبة بموته صلى الله عليه وسلم]-

رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلم من المدينة كل شيء، وما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا (١) ٥٥٤ (عن ثابت البناني) (٢) قال قال أنس فلما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعنا قالت فاطمة (رضي الله عنها) يا أنس أطابت أنفسكم أن دفنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم في التراب ورجعتم (٣)


عن البراء (ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم (١) قال الحافظ يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه في حياته من الألفة والصفاء والرقة لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأييد (تخريجه) (مذجه مي) وقال الترمذي صحيح غريب (وفي الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كانتقى الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمخافة أن ينزل فينا القرآن فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا رواه البخاري وابن ماجه والإمام أحمد وتقدم في باب وقت نزول القرآن من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثاني عشر ص ٤٦ رقم ١١١ (وعن أبي ابن كعب) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما وجهنا واحد (أي قصدنا واحد وهو إقامة الدين واعلاؤه) فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا هكذا وهكذا (أي تفرقت المقاصد والمهام فيميل مائل إلى الدنيا وآخر إلى غيرها) رواه ابن ماجه. وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح على شرط مسلم إلا أنه منقطع بين الحسن وأبي ابن كعب يدخل بينهما يحيي بن ضمرة أهـ (٢) (سنده) حدثنا يزيد ثنا حماد بن زيد ثنا ثابت البناني قال قال أنس الخ (غريبه) (٣) سكت أنس عن جوابها رعاية ولسان حاله يقول لم تطب أنفسنا بذلك إلا أنا قهرنا على فعل ذلك امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم قال القسطلاني وغيره وقد عاشت فاطمة بعده صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فما ضحكت تلك المدة وحق لها ذلك، قال يروي أنها قالت
(أغير آفاق السماء وكورت ... شمس النهار وأظلم العصران ... والأرض من بعد النبي كشيبة)
(أسفا عليه كثيرة الرجفان ... فليبكه شرق البلاد وغربها ... ولتبكه مضر وكل يمان)
(وقال في المواهب اللدنية) وأخذت (يعني فاطمة رضي الله عنها) من تراب القبر الشريف ووضعته على عينيها)
وأنشادت تقول (ماذا علي من شم تربة أحمد ... إن لا يشم مدى الزمان غواليا)
(صبت علي مصائب لوانها ... صبت على الأيام عدن لياليا)
(قال السهيلي) وقد كان موته صلى الله عليه وسلم خطبا كالحا ورزءا لأهل الإسلام فادحا، كادت تهد له الجبال وترجف الأرض ويكسف النيران، لانقطاع خبر السماء مع ما آذن به موته عليه الصلاة والسلام من إقبال الفتن السحم، والحوادث الدهم، والكرب المدلهمة، فلولا ما أنزل الله من السكينة على المؤمنين، وأسرج في قلوبهم من نور اليقين، وشرح صدورهم من فهم كتابه المبين، لانقصمت الظهور، وضاقت من الكرب الصدور، وأعاقهم الجزع عن تدبير الأمور، ولقد كان من قدم المدينة يؤمئذ من الناس إذا أشرفا عليها سمعوا لأهلها ضجيجا، وللبكاء في أرجائها عجيجا، وحق ذلك لهم ولمن بعدهم كما روى عن أبي ذؤيب الهذلي قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عليل فاستشعرنا حزنا وبت بأطول ليلة لا ينحاب ديجورها ولا يطلع نورها، فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت: فهتف هاتف وهو يقول (خطب أجل أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومعقد الآطام)

<<  <  ج: ص:  >  >>