(أغير آفاق السماء وكورت ... شمس النهار وأظلم العصران ... والأرض من بعد النبي كشيبة) (أسفا عليه كثيرة الرجفان ... فليبكه شرق البلاد وغربها ... ولتبكه مضر وكل يمان) (وقال في المواهب اللدنية) وأخذت (يعني فاطمة رضي الله عنها) من تراب القبر الشريف ووضعته على عينيها) وأنشادت تقول (ماذا علي من شم تربة أحمد ... إن لا يشم مدى الزمان غواليا) (صبت علي مصائب لوانها ... صبت على الأيام عدن لياليا) (قال السهيلي) وقد كان موته صلى الله عليه وسلم خطبا كالحا ورزءا لأهل الإسلام فادحا، كادت تهد له الجبال وترجف الأرض ويكسف النيران، لانقطاع خبر السماء مع ما آذن به موته عليه الصلاة والسلام من إقبال الفتن السحم، والحوادث الدهم، والكرب المدلهمة، فلولا ما أنزل الله من السكينة على المؤمنين، وأسرج في قلوبهم من نور اليقين، وشرح صدورهم من فهم كتابه المبين، لانقصمت الظهور، وضاقت من الكرب الصدور، وأعاقهم الجزع عن تدبير الأمور، ولقد كان من قدم المدينة يؤمئذ من الناس إذا أشرفا عليها سمعوا لأهلها ضجيجا، وللبكاء في أرجائها عجيجا، وحق ذلك لهم ولمن بعدهم كما روى عن أبي ذؤيب الهذلي قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عليل فاستشعرنا حزنا وبت بأطول ليلة لا ينحاب ديجورها ولا يطلع نورها، فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت: فهتف هاتف وهو يقول (خطب أجل أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومعقد الآطام)