-[حديث أبي جحيفة في شيب النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه مخضوبا بالحنا والكتم]-
(عن عثمان بن عبد الله بن موهب) قال دخلت على أم سلمة فأخرجت الينا شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مخضوبا بالحناء والبكتم (عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأبطح العصر ركعتين ثم قدّم بين يديه عنزة بينه وبين مادة الطريق ورأيت الشيب بعنفقته أسفل من شفته السفلى
وروى عنه اثنان عكس ذلك، ويكفى في ترجيح رواية الخمسة عن أياد أن يكون منهم سفيان الثورى أمير المؤمنين في الحديث في عصره كما وصفه بذلك الأئمة الحفاظ شعبة وابن عيينة وأبو عاصم وابن معين وغيرهم (ومما يؤيد ذلك أيضا) ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على مسند أبيه وتقدم في باب لا يؤخذ المرء بجنابة غيره في الجزء السادس عشر ص ٦٠ رقم ١٦٠ عن أبي رمثة قال انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ابنك هذا. قال إي ورب الكعبة الخ، وهو يؤيد هذا الحديث ويعارض الحديث السابق مع أنهما من زوائد عبد الله ولكنهما تعارضا والراجح كما تقدم أن أبا رمثة كان مع أبيه والله أعلم (١) (عن عثمان بن عبد الله بن موهب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخرجه في باب ما جاء في تغيير الشيب بالحناء والكتم في الجزء السابع عشر ص ٣١٦ رقم ٢٦ (٢) سنده (حدثنا) إسماعيل بن عمر ثنا يونس عن أبي إسحاق عن أبي جحيفه وهب ابن عبد الله السوائي الخ (غريبة) (٣) الأبطح هو الموضع المعروف على باب مكة ويقال البطحاء أيضا وهو المسيل الواسع الذي فيه دقاق الحصى وكان ذلك في حجة الوداع (٤) بفتحات مثل نصف الرمح وأكبر شيئا وفيها سنان مثل الرمح، والعكازة قربب منها (٥) معناه أنه صلى الله عليه وسلم جعلها سترة بينه وبين من يمر من الناس وغيرهم، فلا يضر المصلى من مر من ورائها، وله في رواية أخرى (وبين يديه عنزة قد أقامها بين يديه يمر من ورائها الناس والحمار والمرآة (٦) هذا موضع الدلالة من حديث الباب أنه رأى الشيب بعنفقة النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق وغيرهما) بالفاظ مختلفة والمعنى واحد (هذا) وفي أحاديث الباب إثبات الشيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فبعضهم ذكر أنه كان في عنفقته؛ فقط وبعضهم روى أنه كان في اللحية وفي الرأس وفي الصدعين وبعضهم روى أنه كان قليلا نحو من عشرين شعرة، وروى بعضهم أنه كان أقل من ذلك (قال النووي) رحمه الله قال القاضي اختلف العلماء هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فمنعه الأكثرون بحديث أنس، وهو مذهب مالك، وقال بعض المحدثين خضب لحديث أم سلمة هذا ولحديث ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة: وجمع بعضهم بين الأحاديث بما أشار إليه في حديث أم سلمة من كلام أنس في قوله فقل ما أدرى في هذا الذي يحدثون إلا أن يكون شيء من الطيب الذي كان يطيب به شعره، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستعمل الطيب كثيرا وهو يزيل سواد الشعر، فأشار أنس إلى أن تغيير ذلك ليس بصبغ وإنما هو لضعف لون سواده بسبب الطيب، قال ويحتمل أن تلك الشعرات تغيرت بعده لكثرة تطيب أم سلمة لها أكراما هذا آخر كلام القاضي (قال النووي) والمختار أنه صلى الله عليه وسلم صبغ في وقت وترك في معظم الأوقات فأخبر كل بما رأى وهو صادق، وهذا التأويل كالمتعين لحديث ابن عمر في الصحيحين ولا يمكن تركه ولا تأويل له والله أعلم (وأما اختلاف الرواية) في قدر مشيبة فالجمع بينها أنه رأى شيبا بسيرا فمن أثبت شيبه أخبر عن ذلك اليسير، ومن نفاه أراد أنه لم يكثر فيه كما