-[منقبة عظيمة للانصار وفيها زهدهم فى الدنيا وحبهم للآخرة]-
الله تبارك وتعالى وهو ببغضه (حدثنا أبو سعيد)(١) ثنا شداد أبو طلحة ثنا عبيد الله بن أبى بكر عن أبيه عن جده (٢) قال أتت الأنصار الى النبى صلى الله عليه وسلم بجماعتهم فقالوا إلى متى ننزع من هذه الآبار، فلو آتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا الله لنا ففجر لنا من هذه الجبال عيونا، فجاؤا بجماعتهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم فلما رآهم قال مرحبا وأهلا لقد جاءكم الينا حاجة، قالوا إى والله يا رسول الله، فقال انكم لن تسألونى اليوم شيئاً الا أوتيتموه، ولا أسأل الله شيئا إلا أعطانيه، فأقبل بعضهم على بعض فقالوا الدنيا تريدون؟ فاطلبوا الآخرة (٣) فقالوا بجماعهم يا رسول الله ادع الله لنا أن يغفر لنا، فقال اللهم أغفر للانصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الانصار، قالوا يا رسول الله وأولادنا من غيرنا (٤) قال وأولاد الانصار، قالوا يا رسول الله وموالينا، قال وموالى الانصار (٥) قال وحدثتنى أمى (٦) عن أم الحكم بنت النعمان بن صهباء أنها سمعت أنسا يقول عن النبى صلى الله عليه وسلم مثل هذا غير أنه زاد فيه وكنائن الانصار (٧)(وعنه من طريق ثان)(٨) قال شقى على الانصار النواضح (٩) فاجتمعوا عند النبى صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يكرى (١٠) لهم نهرا سيحا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرحبا بالانصار والله لا تسألونى اليوم شيئا ألا أعطيتكموه ولا أسأل الله لكم شيئا إلا أعطانيه
ذلك قبل فتح مكة أما بعد فتحها فقد قال صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح (تخريجه) بعد الفتح (تخريجه) الحديث سنده جيد وأورده الحافظ فى الاصابة وعزاه لابن أبى شيبة والطبرانى وأبى داود وابن أبى خثيمة والبخارى فى التاريخ والبغوى وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن الغسيل عن حمزة بن أبى أسيد وكان أبوه بدريا عن الحارث بن زياداً الساعدى فذكره (١) (حدثنا أبو سعيد الخ) (غريبه) (٢) جده هو أنس بن مالك رضى الله عنه قال الترمذى، وكذلك عند مسلم أن أجده أنس وعبيد الله ثقة وأبو بكر ثقة كما فى الخلاصة (٣) فيه دلالة على قوة ايمان الانصار وتوكلهم على الله وزهدهم فى الدنيا رضى الله عنهن (٤) الظاهر أنهم يريدون أولادهم الذين هم من غير نساء الانصار (٥) أى عبيدهم وإماؤهم (٦) القائل حدثتنى أمى هو عبيد الله بن أبى بكر (٧) جمع كنة بفتح الكاف والنون المشددة، قال فى النهاية الكنة امرأة الابت وامرأة الأخ (قلت) والظاهر أنه يريد امراة الابن وامراة الأخ ونحوهما إذا كانتا من غير نساء الأنصار والله أعلم (٨) (سنده) حدّثنا أبو النضر تنا المبارك عن ثابت النانى عن أنس بن مالك قال شق على الأنصار الخ (٩) يعنى نقل الماء من الآبار على النواضح أى الابل لسقى الورع (١٠) بفتح الياء التحتية وكسر الراء بينهما كاف ساكنة من باب رمى من كريت الارض وكروتها إذا حفرتها، والمعنى انهم عزموا على أن يطلبوا من النبى صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم نهرا جاريا يحفرونه ويخرجون طينه، فلما قال لهم لا تسألونى اليوم شياً الا اعطيتكموه عدلوا عن طلب النهر واغتنموا الفرصة وطلبوا المغفرة، لان النهر من متاع الدنيا الفانية والمغفرة فيها متاع الآخرة الباقية فآثروا ما يبقى على ما يفنى وهذا من قوة ايمانهم وزهدهم فى الدنيا رضى الله عنهم وأرضاهم (ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وهو فى مسند الشافعى ومسند الطيالسى مقتصرا على الدعاء بالمغفرة للانصار ولا بنائهم وأبناء أبنائهم، والدعاء للانصار بالمغفرة ثابت فى الصحيحين وغيرهما