-[حديث حذيفة رضى الله عنه فى الفتن التى تموج موج البحر]-
(١٤٩)(عن حذيفة)(١) أنه قدم من عند عمر قال لما جلسنا إليه أمس سأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أيكم سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الفتن فقالوا نحن سمعناه قال لعلكم تعنون فتنة الرجل فى أهله وماله (٢) قالوا أجل قال لست عن تلك أسأل، تلك يكفها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الفتن التى تموج موج البحر، قال فأمسك القدم وظننت أنه اياى يريد، قلت أنا قال لى أنت، لله أبوك (٣) قال قلت: تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير، (٤) فأى قلب (٥) أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، وأى قلب أشر بها (٦) نكتت فيه نكتة سوداء، حتى يصير القلب على قلبين أبيض مثل الصفا (٧) لا يضره فتنة مادامت السموات والأرض والآخر أسود مربد (٨) كالكوز مخجِّيها (٩) -وأمال كفّه- لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلاّ ما أشرب من هواه
(١٤٩) (١) (سنده) حدّثنا يزيد بن هرون ثنا أبو مالك عن ربعى بن حراش عن حذيفة الخ وأبو مالك فى السند هو سعد بن طارق الاشجعى رحمه الله (٢) قوله (فتنى الرجل فى أهله وماله) المراد بها فرط محبته لهم وشغله بسببهم عن كثير من الخير وكذلك تفريطه فى حقوقهم كتأديبهم وتعليمهم والانفاق عليهم وهذا الضرب من الفتن يكفر بالصلاة والصيام والصدقة فلم يكن هو المقصود لعمر رضى الله عنه وإنما يريد الفتن الكبرى (التى تموج موج البحر) (٣) (لله أبوك) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها (٤) قوله (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير) أى تظهر لها فتنة بعد أخرى متلاحقة كما تظهر عيدان الحصير لنا سجها عودا بعد عود (٥) قوله فأى قلب اتكرها الخ يعنى أن القلوب بإزاء هذه الفتن المتلاحقة ضربان ضرب ينكرها واحدة بعد أخرى ويأبى أن ينغمس فيها فيصفو ويقوى ويمتلئ بخشية الله عز وجل قلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض. وضرب آخر من القلوب ينغمس فى هذه الفتن ويتقبلها ويستجيب لدعاتها فتحدث فيه ظلمة بعد ظلمة حتى تعمه ظلمات الفتن ويغشاه سوادها فلا يكون فيه موضع لخير كالكوز الماثل إذا وضع فيه ماء زال عنه ولم يستقر فيه (٦) (أشربها) دخلت فيه دخولا تاما وحلت منه محل الشراب (٧) الصفا الحجر الاملس (٨) مربد مثل محمر ومسود لانه من أربد بتشديد الدال والربدة بضم هى الكدرة (٩) قوله كالكوز مخجيا اى مائلا وهو فى الأصل بتقديم الخاء المعجمة ومعناهما واحد يقال خجى الكوز وجخى بالتشديد فيهما مال عن الاستقامة والاعتدال فشبه القلب الذى لا يعى خيراً بالكوز المائل لذى لا يثبت فيه شئ أفاده فى النهاية وقال النسووى هو بميم مضمومة ثم جيم مفتوحة ثم خاء معجمة مكسورة معناه مائلا كذا قاله الهروى وغيره وفسره الراوى فى الصحيح بقوله منكوسا وهو قريب من معنى المائل أهـ (تخريجه) الحديث أخرجه مسلم فى صحيحه من طريق أبى خالد يعنى سليمان بن حيان عن سعد ابن طاوق عن ربعى عن حذيفة به وزاد فى آخره (قال حذيفة: وحدثته أن ينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر قال عمرا كسراً لا أبالك فلو أنه فتح لعله كان يعاد قلت لا بل يكسر وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثا ليس بالاغاليط قال أبو خالد فقلت