للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفنيد ما وجه إلى أبي هريرة رضي الله عنه عن المطاعن والشهاري


في السادسة عشرة من عمره كان في جيوش المسلمين بأرض أيران فكتب إليه الحجاج يأمره بأن ينتخب من أبطال الجنود الإسلامية من يقع اختياره عليهم وجمع لهم الحجاج قوات أخرى انتقاها من جيوش المسلمين بالشام وحرص الحجاج على أن يجهز هذا الجيش بكل ما يحتاج إليه من سلاح وكساء وغذاء فاجتاز به محمد بن القاسم حدود إيران إلى الهند ووصل مدينة (مكران) التي كانت بيد المسلمين ثم انتقل منها إلى مدن كثيرة ذات أهمية بالغة ففتحها إلى أن وصل إلى (الديبل) فوجد الحجاج قد أرسل إلى سواحها الرجال والسلاح والمؤن فخندق محمد بن القاسم حولها وحطم حصونها بالمنجنيق وعلا المسلمون أسوارها ودخلوها عنوة ثم انتقل منها إلى مدينة (بيرون) ففتحها وأيقن قائد الشرك والوثنية (داهر) أن البالد استسلمت لها القائد الشاب وأن ملكة قد زال ما لم يلقه في معركة فاصلة يجمع فيها جميع قواه فكانت تلك المعركة الفاصلة وكتب الله النصر فيها للمسلمين وقتل الطاغية (داهر) وانهزم جنده ومضي محمد بن القاسم يطهر أرض السند من أدران الوثنية والشرك إلى أن قطع نهر (يباس) إلى (المتان) فقاتله أهلها قتالًا شديدًا وتحصموا بالمدينة ونفد زاد الجيش الإسلامي فهداهم الله إلى مدخل الماء إلى المدينة فقطعوه عنها حتى استسلم المشركون وكان في تلك المدينة صم أسمه (بد) تهوي إليه الأموال وتنذر له النذور ويحج إليه أهل السند فجمع محمد بن القاسم ما هناك من الذهب والأموال وجعل يوعها في بيت مساحته عشرة أذرع في مثلها كان جباة الأموال يلقونها فيه من فوهة في سطحه وأحصوا ذلك المال فبلغ مائة وعشرين مليون درهم ولما أرسلوا به إلى الحجاج أحصى ما أنفقه على حمله محمد بن القاسم فبلغ ستين مليونًا فقال (شفينا غيظنا، وأدركنا ثارنا، وأزددنا ستين ألف ألف درهم، ورأس داهر) (رضي الله عنه) عن أولئك السادة الذين حملوا رسالة الإسلام إلى الهند حتى كان منهم للإسلام في عصرنا مدد علمي واقتصادي وعسكري ورضي الله عن مسلمي الهند والباكستان فلقد أقاموا دولتهم في عصرنا على أسس قويمة من مبادئ الإسلام.
فصل
في تفنيد ما وجه إلى أبي هريرة (رضي الله عنه) من المطاعن وتبديد ما أحيطت به روايته من الشكوك والشبهات
تعرض هذا الصحابي الجليل لحملة من المطاعن يراد بها التشكيك في أحاديثه التي تلقاها المسلمون بالقبول، وقد أثار هذه المطاعن طائفة من المستشرقين والملحدين وخدع بها كثير ممن لم ترسخ أقدامهم في العلم، ولم تنضج ملكتهم في البحث، فراحوا يرددون هذه المطاعن على أنها حقائق يقضي بها العلم والتمحيص، وقد رأينا أن نذكر في هذا الفصل طائفة من تلك المطاعن ثم نتبعها بالرد عليها لنبين مدي الافتيات على هذا الصحابي الجليل، والرواية الثبت الأمين، وأن الذين تولوا أكبر هذا الأثم لم يكونوا على شيء من العلم والأنصاف، وإنما يريدون من وراء ذلك الطعن في الإسلام من طريق تجريح رواه الحديث وحملته فنقول وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>