للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفنيد ما وجه إلى أبي هريرة (رضي الله عنه) من المطاعن والشبهات


ثالثًا: وقال الطاعنون نهي عمر أبا هريرة عن التحدث وقال له "لتتركَنّ الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أولًا لحقنك بأرض درس، وهذا من عمر يدل على كذب أبي هريرة في زعمهم، والجواب عن ذلك أن أبا هريرة كان يحدث الناس بما سمعه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو ثبت لديه أنه قال أو فعله خروجًا، من أثم كتمان العلم وقد الجاه ذلك إلى أن يكثر من رواية الحديث في كل باب فكان في المجلس الواحد يسرد الكثير من أحاديثه (صلى الله عليه وسلم)، ولكن عمر رضي الله عنه كان من رأيه أن يشتغل الناس أولًا بالقرآن وأن يقلوا من رواية الأحاديث التي لا تتصل بالأحكام وأن لا يروي للناس أحاديث الرخص مثلًا لئلا يتّكلوا عليها، ولا الأحاديث المشكلة التي تعلو على إفهامهم حتى لا تكون لهم فتنة وأن يقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خشية الكذب عليه أو الخطأ، ولئلا يكون ذريعة إلى أن ينسب ليه المنافقون ما يشتهون، ومن أجل ذلك نهي عن الإكثار من الرواية وأغلظ لأبي هريرة وغيره، فالاختلاف بين عمر وأبي هريرة ومن حذا حذوة من الصحابة ليس منشؤه الكذب، ولكنه اختلاف على طريقة التعليم والإفادة (ولكل وجهه هو موليها) وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد جاء أن عمر أذن له بعد ذلك في التحديث.
رابعًا: زعموا أ، الصحابة قد شكوا في رواياته وقالوا (أكثر أبو هريرة) وهذا منهم يدل على كذبه وردهم لروايته.
والجواب أن بعض الصحابة قالوا (أكثر أبو هريرة) تعجبًا من كثرة حفظه ورواياته وقد أظهر لهم السبب في ذلك، وهو أنه كان الزم الناس لمجالسه (صلى الله عليه وسلم) وأحرص الصحابة على أخذ الحديث وأنه ما كان يعينه شئون الدنيا، فما كان يشغله عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تجارة ولا بيع، ولا زراعة. فحفظ ما لم يحفظوا، وسمع ما لم يسمعوا، فأطمأنوا إلى قوله، وأخذوا عنه ما يرويه كما تقدم، وعلى تقدير أنهم كانوا شاكين لا متعجبين فتركهم أياه يحدث بعد ذلك مدة عمره دليل على أنهم اقتنعوا بوجاهة السبب في كثرة حديثه وزال عنهم ما كانوا يجدونه في صدورهم من روايته، إذا لو كانوا يرون في حديثه ريبة لمنعوه عن التحديث وهم أحرص الناس على صيانة حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأنه تبيان للكتاب الكريم.
خامسًا: وزعموا أن أبا هريرة لم يكن على شيء من الفقه، وهذا افتيات على التاريخ، ذكر أين القيم في أعلام الموقعين المفتين من الصحابة فذكر منهم أبا هريرة وغده في طبقة أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان وأبي سعيد الخدري وأم سلمة وأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل وسعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله وغيرهم وقال أبن سعد كان ابن عباس وأبن عمرو أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وجابر ورافع بن خيج وسلمه بن الأكوع وأبو واقد الليثي وعبد الله بن بحينه مع أشباه لهم بن العاص وجابر ورافع بن خديج وسلمه بن الأكوع وأبو واقد الليثي وعبد الله بن بحينة مع أشباه لهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يفتون بالمدينة ويحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا أهـ سادسًا: وقالوا أن كثيرًا من لأحاديث التي عزيت إلى أبي هريرة فيها غرائب تبعد عن العقل، وذلك دليل على عدم صحتها وأنها من مزاعم أبي هريرة.
والجواب أن لا يلزم من عزو لحديث إلى أبي هريرة أو غيره أنه قاله ورواه لجواز أن يكون الرواه عنه أو بعضهم كذبه، والمدار في ذلك على صحة النقل عن المنقول عن أبي هريرة (رضي لله عنه)

<<  <  ج: ص:  >  >>