فيها لأجل ما شرع فيها من الطول ولاتصالها بصلاة الليل وقربها من السحر وساعة الأجابة وللتنزل الألهي ولأنها الصلاة المشهودة التي يشهدها الله وملائكته أو ملائكة الليل والنهار كما روى هذا في تفسير قوله تعالى أن قرآن الفجر كان مشهودا (ثم قال) نعيم يصح عن أبي هريرة أنه قال والله لأنا أقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكافرين، ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ثم تركه، فأحب أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، وهذا يرد على أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقا عند النوازل وغيرها، ويقولون هو منسوخ وفعله بدعة، فأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، وهم أشعر بالحديث من الطائفتين، فأنهم يقنتون حيث يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتركونه حيث تركه، فيقتدون به فب فعله وتركه، ويقولون فعله سنة وتركه سنة، ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه ولا يكرهون فعله ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفا للسنة، كما لا ينكرون على من تركه عند النوازل ولا يرون تركه بدعة ولا تاركه مخالفا للسنة بل من قنت فقد أحسن ومن تركه فقد أحسن، وهذا من الاختلاف المباح الذي لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه، وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه، كالخلاف في أنواع التشهدات، وانواع الأذان والأقامة، وأنواع النسك من الأفراد والقران والتمتع وليس مقصودنا إلا ذكر هديه صلى الله عليه وسلم الذي كان يفعله هو فانه قبله القصد، وإليه التوجه وعليه مدار التفتيش والطلب، وهذا شيء والجائز الذي لا ينكر فعله وتركه شيء فنحن لم نتعرض لما يجوز ولما لا يجوز، وإنما مقصدونا فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يختاره لنفسه فإنه أكمل الهدي وأفضله، فإذا قلنا لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة لم يدل ذلك على كراهية غيره ولا أنه بدعة، ولكن هديه صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وأفضله أهـ {قلت} وقال الحافظ في التلخيص اختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة أهـ _ (وقال الشوكاني الحق ما ذهب إليه من قال أن القنوت مختص بالنوازل وأنه ينبغي عند نزول النازلة إلا تختص به صلاة دون صلاة، وقد ورد ما يدل على هذا الاختصاص في حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحة، ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان بلفظ " كان لا يقنت إلا أن يدعو لآحد ويدعو على أحد " قال وأعلم أنه قد وقع الأتفاق على عدم وجوب القنوت مطلقاً كما صرح بذلك صاحب البحر وغيره أهـ {قلت} وفي أحاديث الباب أيضاً جواز الدعاء في القنوت لضعفة المسلمين بتخليصهم من الأسر ويقاس عليه جواز الدعاء لهم