(وفي الباب أيضاً) مشروعية القنوت بالألفاظ المتقدمة، وهل تتعين هذه الألفاظ أم لا؟ قال النووي في المجموع: الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه لا تتعين، بل يحصل بكل دعاء، قال أصحابنا: ولو قنت بالمنقول عن عمر رضي الله عنه كان حسناً. (قلت) يعني الدعاء الذي رواه البيهقي وفيه " اللهم العن كفرة أهل الكتاب .. الخ " قال: وقوله: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب (هكذا قال النووي بلفظ عذِّب. وفي الحديث بلفظ: العن) إنما اقتصر على أهل الكتاب لأنهم الذين كانوا يقاتلون المسلمين في ذلك العصر، وأما الآن فالمختار أن يقال: عذب الكفرة ليعم أهل الكتاب وغيرهم من الكفار، فإن الحاجة الى الدعاء على غيرهم أكثر، والله أعلم. (قال) أصحابنا يستحب الجمع بين قنوت عمر رضي الله عنه وبين ما سبق " يعني حديث الحسن " فإن الجمع بينهما فالأصح تأخير قنوت عمر، وفي وجه يستحب تقديمه، وإن اقتصر فليقتصر على الأول، وإنما يستحب الجمع بينهما إذا كان منفرداً أم إمام محصورين يرضون بالتطويل، والله أعلم. اهـ ج (تتمة في حكم التكبير ورفع اليدين في أول القنوت ومسح الوجه في آخره) من قال بالقنوت في الوتر، قال: يكبر قبله ويرفع يديه، لما روى محمد بن نصر عن علي رضي الله عنه: أنه كبر في القنوت حين فرغ من القراءة وحين ركع، وفي رواية: كان يفتتح القنوت بتكبيرة، وروى أيضاً أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يكبر في الوتر إذا فرغ من قراءته حين يقنت، وغذا فرغ من القنوت؛ وكان يرفع يديه في القنوت إلى صدره (وعن البراء) رضي الله عنه أنه كان إذا فرغ من السورة كبر ثم قنت (وعن الإمام أحمد) إذا كان يقنت قبل الركوع افتتح القنوت بتكبيرة، وكان سعيد بن جبير يقنت في رمضان في الوتر بعد الركوع، فكان إذا رفع رأسه كبر ثم قنت (وحكى النووي) رحمه الله وجهين في رفع اليدين في القنوت عند الشافعية (أحدهما) لا يستحب وهو اختيار صاحب المهذب والقفال والبغوي، وحكاه إمام الحرمين عن كثير من الأصحاب، وأشاروا إلى ترجيحه، واحتجوا بأن الدعاء في الصلاة لا ترفع له اليد كدعاء السجود والتشهد (والثاني) يستحب، قال: وهذا هو الصحيح عند الأصحاب، وفي الدليل، وهو اختيار أبي زيد المروزي إمام طريقة أصحابنا الخراسانيين والقاضي أبي الطيب في تعليقه وفي المنهاج، والشيخ أبي محمد وابن الصياغ والمتولي والغزالي