للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


وروى مالك بإسناده الصحيح عن ابن عمر الجلوس على قدمه اليسرى، واحتج أصحابنا بحديث أبي حميد في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته» رواه البخاري بهذا اللفظ. قلت: وتقدم حديث أبي حميد في آخر باب جامع صفة الصلاة. قال: قال الشافعي والأصحاب: فحديث أبي حميد وأصحابه صريح في الفرق بين التشهدين، وباقي الأحاديث مطلقة، فيجب حملها على موافقته، فمن روى التورك أراد الجلوس في التشهد الأخير، ومن روى الافتراش أراد الأول، وهذا متعين للجمع بين الأحاديث الصحيحة، لا سيما وحديث أبي حميد وافقه عليه عشرة من أكابر الصحابة رضي الله عنهم. قال: وقال أصحابنا: الحكمة في الافتراش في التشهد الأول والتورك في الثاني، أنه أقرب إلى تذكر الصلاة وعدم اشتباه عدد الركعات، ولأن السنة تخفيف التشهد الأول فيجلس مفترشًا ليكون أسهل للقيام، والسنة تطويل الثاني ولا قيام بعده فيجلس متوركًا ليكون أعون له وأمكن ليتوفر الدعاء، ولأن المسبوق إذا رآه علم في أي التشهدين. اهـ. قلت: وفي أحاديث الباب أيضًا استحباب جعل الإليتين على العقبين في الجلسة بين السجدتين لحديث الباب عن ابن عباس رضي الله عنهما «هو سنة نبيك صلى الله عليه وسلم» وتقدم الكلام عليه. وفيها أيضًا استحباب وضع اليدين على الركبتين حال الجلوس للتشهد، وهو مجمع عليه. وفيها أيضًا: استحباب الإشارة بالأصبع السبابة من اليد اليمنى حال التشهد. قال أصحاب الشافعي: تكون الإشارة بالأصبع عند قوله «إلا الله» من الشهادة، ولا يشير بها إلا مرة واحدة. قال النووي: والسنة أن لا يجاوز بصره إشارته، واحتج له البيهقي وغيره بحديث عبد الله بن الزبير (قلت: هو المذكور في الباب) قال: رواه أبو داود بإسناد صحيح. والله أعلم. اهـ. واعلم أنه قد ورد في وضع اليد المنى على الفخذ حال التشهد هيئات، منها ما ذكر في الباب من حديث وائل بن حجر، وفيه «ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة (وفي رواية حلق بالوسطى والإبهام) وأشار بالسبابة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها»، ومنها قبض كل الأصابع والإشارة بالسبابة كما في الباب أيضًا من حديث ابن عمر، ومنها ما رواه مسلم من حديث ابن عمر أيضًا «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة»، ومنها وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى من غير قبض والإشارة بسبابة يده اليمنى كما في الباب من حديث ابن الزبير، وقد أخرج مسلم رواية أخرى عن ابن الزبير تدل على ذلك لأنه اقتصر فيها على مجرد الوضع والإشارة، وكذلك أخرج عن ابن عمر ما يدل على ذلك، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>