فيمارسون في حقهن التضييق والإيذاء, وما ذلك إلا شاهد على حريتهم المكذوبة التي يدعونها, وهم يفرضون على الضعفاء من الأقليات الإسلامية في بلدانهم مثل هذه الآراء العوجا, وكذلك المساجد التي ترفع الأذان بدعوة الناس للصلاة والعبادة لا تعد عندهم من الحرية, إنما الحرية أن تسب الدين وتعتدي على النبيين وتقتل الأطفال والنساء, وهذا هو تاريخ أهل الكتاب في كل زمانٍ ومكان في إتباعهم الهوى والضلال.
[الفرع الثالث: غلوهم بإلصاق تهمة الغلو بالمسلمين ومحاربتهم لهم بسبب ذلك]
واليوم يطلق اليهود والنصارى ألقاباً ومصطلحات هي في معنى الغلو, مثل: التطرف, التشدد, الأصولية, الإرهاب, التنطع, اليمين, ويريدون إلصاقها بالملتزمين بالأوامر الإلهية من المسلمين, بل جعلوا التمسك بالدين تهمة يدان بها المسلم فيستحق أن يبقى تحت المراقبة والتضييق والملاحقة, وأن يكون الأصل فيه الشك, بل يصل إلى التعذيب والسجن.
وفي المقابل فإن المسلم المتساهل في دينه, الذي لا يهتم بأوامر دينه ونواهيه, ولا يبالي بهجر الأوامر وغشيان المناهي والفجور, وإهمال مبادئ الإسلام وأصول الولاء والبراء والإفراط التفريط؛ هو المسلم المتسامح الوسطي.
ولا تزال مطارقهم تدق هذه الشبهة داخل المجتمعات الإسلامية, حتى تأثر بها بعض أبناء المسلمين, فصاروا يرددون شعارات اليهود والنصارى وأفكارهم, ويكيلون التهم إلى الإسلاميين والمتمسكين بالدين من إخوانهم, ويدعون الناس لعقد مؤتمرات وندوات في بلاد المسلمين حول منهج الوسطية ونبذ التشدد في الدين, وهم في الحقيقة يدعون الناس إلى ترك الدين أو إلى تمييع أحكام الشرع, وهدم أصوله, وابتداعهم لدين يتماشى مع سياسات أعداءهم.
والعجيب في ذلك كثرة دعائهم إلى الوسطية مع وجودها داخل البلاد الإسلامية, وغياب النداء إلى الالتزام بالدين مع انتشار التساهل والانحلال الأخلاقي في بعض بلاد المسلمين, فعلام يدل هذا؟ مع أن الأصل في ذلك هو أن ندعو الناس إلى الدين الوسط الحق الذي لا إفراط فيه ولا تفريط, وإلا فلماذا أصبحت المسلمة التي تردي الحجاب مخالفة للقانون ويضيق عليها وتعاقب, والذي يقتل الأطفال والشيوخ كما يحصل في غزة والعراق وغيرها موافق للقانون؟ فما هو هذا المعيار وما هو هذا المكيال الذي تدعوننا إليه!