للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع الثاني: خلاصة أقوال المفسرين في معنى الإيمان.]

إن هذه الآيات تبين لنا دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن سار على نهجهم من المشركين إلى الإيمان بالله الإيمان الصحيح الذي لا يخالطه شك, وحينما خاطبهم الله بأن آمنوا بالله يريد منهم الإيمان الكامل القائم على التصديق به وبما جاء به رسله دون تفريق بينهم, وأن يأخذوا بما أنزله في كتابه أخذاً كاملاً؛ لأنه الحق الذي جاءت به رسل الله, كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (١) , وتحذرهم من الكفر ببعض ما في الكتب كما أخبرنا الله عن أهل الكتاب في قوله تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (٢).

ولابد أن يؤمنوا إيماناً قائماً على الاعتقاد الجازم بأن الله حق, وأن ما جاء به رسله حق, وما أنزله في كتابه حق, وأن يومنوا إيماناً يتضمن الاستسلام والانقياد والطاعة بكل ما أمر, واجتناب كل ما نهى, وحينما أمرهم بقوله: (أأسلمتم) فمراده: أنَّ من أسلم وآمن فقد اهتدى وحصل له الخير في دينه ودنياه وآخرته, ومن تولى وأعرض وكفر فقد خسر دنياه وآخرته, لقوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} (٣) , وقوله تعالى: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} (٤).

ولنا قدوة حسنة في إبراهيم - عليه السلام - حينما دعا الله سبحانه وتعالى بأن يجعل البلد الحرام بلداً آمناً, وطلب من الله أن يرزق أهله من الثمرات من آمن بالله واليوم الآخر, قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (٥).


(١) سورة النساء الآية: (١٧٠).
(٢) سورة البقرة الآية: (٨٥).
(٣) سورة آل عمران الآية: (١٢٠).
(٤) سورة البقرة الآية: (١٣٧).
(٥) سورة البقرة الآية: (١٢٦).

<<  <   >  >>