للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا كان التحريف لكلام الله من قبل اليهود والنصارى قد حصل منهم قديماً, دون حياء ولا خوف من خالقهم ومع قرب عهدهم برسل ربهم فإنهم من باب أولى سيمارسون التحريف لكلام الله في عصرنا الحديث, وسيمارسونه كذلك مع جميع البشر, وذلك بحسب أهوائهم, ولأغراض تخدم مصالحهم السياسية وغيرها, وهذا ما حصل منهم.

فخيانتهم في التحريف مستمرة عبر الزمن, أما في عصرنا الحديث فإنهم يمارسون التحريف بجميع أشكاله وأنواعه, ومعلوم أن النصارى كانوا مطلع القرن العشرين لا يزالون في عداء شديد مع اليهود بسبب قتلهم السيد المسيح كما يزعمون, وكان النصارى يقولون: إنه لا يمكن أن يساعدوا اليهود أو يقفوا بجانبهم, وقد قال البابا بيوس العاشر سنة (١٩٠٣ م) لهرتزل اليهودي عندما طلب منه مساعدة اليهود قال له: إن اليهودية أساس ديننا, غير أن اليهودية قد حلت محلها المسيحية, ولهذا السبب لا يمكننا اليوم أن نساعد اليهود أكثر مما منحناهم من قبل, لقد كان المنتظر أن يكون اليهود أول المستجيبين لدعوة المسيح, بيد أنهم لم يفعلوا هذا حتى اليوم حتى جاءت أواخر القرن العشرين فأجمع اليهود والنصارى على التحريف, وأما قادة الديانة النصرانية فقد بدلوا سياستهم إزاء اليهود لسبب أو لآخر, وأول من تحرك في الاتجاه المضاد البابا بيوس الثاني عشر الذي كان رئيس الكنيسة الكاثوليكية أيام النازيين, فلنقرأ ما يحدث اليوم من البابا يوحنا بول الثاني, تاركين للدنيا كلها أن توازن وتتأمل ما قالته الصحف الفرنسية وفي مقدمتها صحيفتا التحرير والصباح بتاريخ: (١٤ من إبريل ١٩٨٦) تقول: أمس ذهب البابا إلى كنيس روما الكبير في أول تقارب تاريخي يضع حداً للعداء التقليدي بين اليهودية والكثلكة, ومن الكلمات التي خاطب بها البابا حاخامات اليهود: إن العلاقات التي تربطنا بكم لا تربطنا بأي دين آخر! ! أنتم إخواننا المفضلون! ! أو بتعبير آخر نستطيع أن نقول: أنتم إخواننا الكبار! ! (١).

المطلب الأول: خطط التحريف حديثاً:

وقبل أن نقوم بذكر الأمثلة على تحريفهم لكتب الله في العصر الحديث, نقوم بذكر الخطة الماكرة التي قام بها أهل الكتاب لتحريف ما بقي في كتبهم, وهذه الخطة شملت جميع أنواع التحريف.


(١) انظر: اليهود المعتدون ودولتهم إسرائيل (ص: ١٥٦ - ١٥٩) , المؤلف: محمد الغزالي, الناشر: الدار الشامية بيروت, الطبعة الثانية, ١٤٢٣ هـ ٢٠٠٢ م.

<<  <   >  >>