للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: آيات العهود والمواثيق, وأقوال المفسرين فيها, وفية:

[الفرع الأول: الآيات التي تأمر أهل الكتاب بالوفاء بالعهود والمواثيق]

لقد أخذ الله على بني إسرائيل مجموعة من العهود والمواثيق ورد ذكرها في الكتب السابقة على ألسنة أنبيائهم ورسلهم, وكذلك ورد بعضها في القرآن الكريم, وهذه العهود كثيرة جداً, لكننا سنلخص معانيها من كلام المفسرين في تفسيرهم لهذه الآيات على النحو التالي:

[الآية الأولى]

قال تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (١).

لقد أمر الله بني إسرائيل أن يلتزموا بالعهد المأخوذ عليهم, والذي عاهدوا الله على الوفاء به, والمراد بالعهد في هذه الآية كما قال الإمام الطبري: "عهدُ الله ووصيته الذي أخذ على بني إسرائيل في التوراة، أن يبيِّنوا للناس أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه رسولٌ، وأنهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة أنه نبيُّ الله، وأن يؤمنوا به, وبما جاء به من عند الله.

وأما قوله تعالى: (أُوف بعهدكم) فالمقصود به: "عهدُه إياهم أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة، كما قال جل ثناؤه: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (٢) وقال تعالى: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٣).

ثم ذكر الطبري عن ابن عباس نحو ذلك, وذهب إليه أكثر المفسرين, وقال ابن زيد في قوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} أوفوا بأمري أوفِ بالذي وعدتكم، وقرأ قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى


(١) سورة المائدة الآية: (١٢).
(٢) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن (١/ ٢٥٠) مرجع سابق.
(٣) سورة الأعراف الآية: (١٥٦ - ١٥٧).

<<  <   >  >>