للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع الثالث: عبد الله بن سلام]

بعد أن ذكرنا بعض المواقف من النصارى نذكر هنا مواقف لبعض من كانوا من أحبار اليهود, ويكفينا أن نستشهد بقصة عبد الله بن سلام الذي كان من أحبار اليهود, وممن لهم معرفة واطلاع بالكتب السماوية السابقة, وممن يعرف كلام الله من كلام غيره, وقد كان بعض يأتون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للتأكد من بعض العلامات الموجودة في كتبهم عن الرسول الخاتم, فلما وجدوا ما عندهم ينطبق مع ما جاء به رسول الله أسلموا مع أنهم كانوا من كبار سادة اليهود وعلمائهم, وقد كان من هؤلاء عبد الله بن سلام, فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: {جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله, وأنك جئت بحق, وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم, وأعلمهم, وابن أعلمهم, فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت, فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيّ ما ليس في؛ فأرسل نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. فأقبلوا فدخلوا عليه, فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر اليهود! ويلكم اتقوا الله, فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقاً, وأني جئتكم بحق فأسلموا.

قالوا: ما نعلمه, قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - , وقالها ثلاث مرار.

قال: فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟

قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا, وأعلمنا وابن أعلمنا.

قال: أفرأيتم إن أسلم؟

قالوا: حاشا لله! ما كان ليسلم.

قال: أفرأيتم إن أسلم؟

قالوا: حاشا لله! ما كان ليسلم.

قال: أفرأيتم إن أسلم؟ .

قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم.

قال: يا ابن سلام اخرج عليهم, فخرج فقال: يا معشر اليهود! اتقوا الله, فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله, وأنه جاء بحق. فقالوا: كذبت! فأخرجهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -} (١).

وكان هذا هو سبب نزول قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٢).


(١) أخرجه البخاري, باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة (٣/ ١٤٢٣) برقم: (٣٦٩٩) مرجع سابق.
(٢) سورة الأحقاف الآية: (١٠).

<<  <   >  >>