للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القسم الأول: الجدال المحمود]

الجدال يكون محموداً إذا تعلَّق به إظهار الحق وتقريره أو الوقوف عليه, وقد أُمر بذلك النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (١).

وقد خاطب الله المؤمنين بقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢).

فتبين من خلال هذه الآيات مشروعية الجدال الذي أمر الله به رسوله أن يجادل أهل الكتاب وغيرهم, وأن يدعوهم إلى الله بالحسنى, وهذا هو الجدال المحمود.

[القسم الثاني: الجدال المذموم]

وأما الجدال المذموم فهو الذي يكون بغير الحق, أو يكون مما أراد به المجادل أن يظهر الباطل في صورة الحق, أو يشغل الناس عن ظهور الحقِّ ووضوح الصّواب, أو ليدحض به الحق, فحينها يكون مذموماً، ويكون صاحبه آثماً, وهذا هو المقصود بقوله - صلى الله عليه وسلم -: {ما أوتِيَ قَوْم الجدَلَ إلا ضَلُّوا} (٣) , وهذا هو مرادنا من الجدال المذموم الذي حصل من أهل الكتاب والمشركين مع رسل الله عليهم السلام كما تبينه الآيات التالية: قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا} (٤).

وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} (٥).

وقال تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} (٦).

وقال تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} (٧).


(١) سورة النحل الآية: (١٢٥).
(٢) سورة العنكبوت الآية: (٤٦).
(٣) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر, (١/ ٧٠٧) مرجع سابق.
(٤) سورة الكهف الآية: (٥٦).
(٥) سورة الحج الآية: (٨).
(٦) سورة غافر الآية: (٥).
(٧) سورة غافر الآية: (٣٥).

<<  <   >  >>