للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن خلال آيات الخطاب السابقة بين الله لنا كل ما يترتب على نقض العهود والمواثيق من أوصاف, فآيات القرآن تصفهم بشرار الخلق, وتصفهم بأهل الخيانة, وتصفهم بأصحاب القلوب القاسية؛ وذلك لأنهم لم يقوموا بصيانة العهود والمواثيق وحفظها, فكفروا بربهم وقتلوا أنبياءهم, واستحلوا دماء غيرهم, وبسبب ذلك أباح الله دمائهم, وحكم عليهم بالقتل والتشريد, قال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} (١).

[الفرع الثاني: ما يترتب على نقض العهود والمواثيق]

وإن مما يترتب على نقض العهود والمواثيق الخسارة في الدنيا والآخرة, التوعد باللعنة في الدنيا وسوء الدار في الآخرة, قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} (٢).

فهذه الآيات تبين لنا بوضوح ما يترتب على نقض العهود والمواثيق من عواقب دنيوية كالقتل والتشريد, وكذلك إغراء العداوة والبغضاء بين بعضهم البعض كما هو الحاصل بين اليهود والنصارى طوال التاريخ, وآخرها الحرب العالمية الثانية عام (١٩٣٩ م ١٩٤٥ م) التي راح ضحيتها أكثر من أربعين مليونً من البشر (٣)؛ وكل ذلك بسبب نسيانهم حظاً مما ذكروا به, وسيستمرون على هذا الحال إلى يوم القيامة, ومع ذلك فطبع القلوب ولعن أصحابها يلاحق كل من أخلف عهده وميثاقه طوال حياته.

ومن أخطر ما ورد في القرآن الكريم مما يترتب على نقض العهود والمواثيق هو إلقاء العداوة والبغضاء بين ناقضي العهود والمواثيق قال تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا


(١) سورة الأنفال الآية: (٥٥ - ٥٨).
(٢) سورة الرعد الآية: (٢٥).
(٣) انظر: الموسوعة الإلكترونية العالمية, (ص: ٤١٤ - ٤٢١) , الناشر: مكتبة لبنان ناشرون, ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم, الطبعة: الأولى, عام ٢٠٠٩ م, ترجمه للعربية: الدكتور دعاس ناصيف, مراجعة وتحرير: دائرة الترجمة والنشر بمكتبة لبنان ناشرون.

<<  <   >  >>