للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذا الفصل من أهم الفصول في هذا البحث؛ لأنه يبين موقف أهل الكتاب من كتب الله قديماً وحديثاً؛ ولأن فيه دراسة للتحريفات التي يعتمد عليها أهل الكتاب في سياستهم طوال الزمن, وأخص بذلك اليهود في عصرنا الحديث الذين يدَّعون أنهم ينفذون إرادة الرب, وما الذي يحصل في أرض فلسطين إلا مثال على ذلك المخطط المرسوم بحسب ما ورد في كتبهم المحرفة, وقد خصصت هذا الفصل للكلام عن التحريف عند أهل الكتاب.

المطلب الأول: تعريف التحريف لغةً واصطلاحاً:

الفرع الأول: تعريف التحريف لغةً:

أما معاني التحريف للكتب السماوية فتتجلى من خلال معانيها في لغة العرب, وقد عرف التحريف بتعريفات متعددة, ولكنها تدل على مقصد واحد, ومعنى واحد فمن ذلك تعريف ابن فارس بقوله: " (حرف) من الانحراف عن الشَّيء, يقال: انحرَفَ عنه يَنحرِف انحرافاً, وحرّفتُه أنا عنه، أي: فمِيلَ به عنه، وذلك كتحريف الكلام، وهو عَدْلُه عن جِهته, قال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِه} " (١).

وقال ابن منظور: " والتحريف في القرآن والكلمة: تغيير الحرفِ عن معناه والكلمة عن معناها, وهي قريبة الشبه, كما كانت اليهود تغير معاني التوراة بالأَشباه فوصفهم الله بفعلهم بقوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِه} وفي غريب الأثر عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: [[آمَنْتُ بمُحَرِّفِ القلوب]] (٢) هو المُزِيلُ أَي: مُمِيلُها ومُزيغُها وهو الله تعالى" (٣).

وهذا التعريف اللغوي للتحريف ينطبق على أهل الكتاب بكامله, فإنهم حرفوا كلام الله في الكتب السماوية, وغيروا ألفاظه ومعانيه بإزالتها وميلها عن أصلها.


(١) انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (٢/ ٤٢) مرجع سابق.
(٢) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر, (١/ ٩٣٨) مرجع سابق, انظر: غريب الحديث, (١/ ٢٠٥) المؤلف: أبو الفرج عبدالرحمن بن علي بن محمد بن علي ابن عبيدالله بن حمادي بن أحمد بن جعفر, الناشر: دار الكتب العلمية بيروت, الطبعة الأولى، ١٩٨٥ م, تحقيق: د. عبدالمعطي أمين قلعجي.
(٣) انظر: لسان العرب (٩/ ٤١) مرجع سابق.

<<  <   >  >>