للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال سيد قطب: فهؤلاء لا جدال معهم ولا محاسنة, وهؤلاء هم الذين حاربهم الإسلام عندما قامت له دولة في المدينة (١).

ومن خلال هذه الآيات وغيرها تبين أن كل من جادل في الله بغير علم, ولا هدى ولا كتاب منير, فإن جداله يكون مذموماً؛ وذلك لإتباعه هواه, وتلبيسه للحق بالباطل.

[الفرع الثاني: مشروعية جدال أهل الكتاب عند المفسرين]

جاء الأمر بمجادلة أهل الكتاب في القرآن الكريم في عدة آيات, فمن هذه الآيات قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (٢).

أما دلالة هذه الآية على مشروعية جدال أهل الكتاب: فقد اختلفت عبارات المفسرين في معنى هذه الآية ودلالتها على مشروعية جدال أهل الكتاب, ونحن نعرض أقوالهم كما يلي:

قال النسفي (٣) رحمه الله: "الآية تدل على جواز المناظرة مع الكفرة في الدين, وعلى جواز تعلم علم الكلام الذي به تتحقق المجادلة, وقوله تعالى: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} من جنس المجادلة بالأحسن, وقال - صلى الله عليه وسلم -: {ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله فإن كان باطلاً لم تصدقوهم وإن كان حقَّاً لم تكذبوهم} (٤) " (٥).


(١) انظر: تفسير ظلال القرآن (٥/ ٢٧٤٥) مرجع سابق.
(٢) سورة العنكبوت الآية: (٤٦).
(٣) أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النسفي السمرقندي، ولد سنة (٤٦١ هـ)، ومات سنة (٥٣٧ هـ). انظر: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (٣٦/ ٤٤٧)، المؤلف: أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار الكتاب العربي لبنان بيروت، الطبعة: الأولى ١٤٠٧ هـ الموافق ١٩٨٧ م، تحقيق د: عمر عبد السلام تدمري, وطبقات المفسرين للأدنروي (١٧١) مرجع سابق.
(٤) أخرجه الأمام أحمد بن حنبل, في باب حديث أبي نملة الأنصاري, (٤/ ١٣٧) برقم: (١٧٢٦٤) بسند حسنه الأرنؤوط.
(٥) انظر: تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل (٣/ ٨٨٦) , المؤلف: الإمام أبي البركات عبدالله بن احمد النسفي, الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز, تحقيق سيد زكريا.

<<  <   >  >>